-A +A
سعيد السريحي
ليس هناك من هو أشد غباء ممن يتلفت حوله، فإذا لم ير سيارة تقودها امرأة صرخ مبتهجاً: لقد فشل مشروع السماح للمرأة بقيادة السيارة، إلا أولئك الذين دشنوا وسماً على تويتر يحمل نفس المضمون، محرضين النساء على عدم الإقدام على قيادة السيارة، مشيدين بمن يرون أن محافظتهن على شرفهن ودينهن قد منعتهن من ذلك.

ليس هناك من هم أشد غباء منهم، لأنهم كانوا يتوقعون أن تخرج النساء دفعة واحدة، وكأنهن في مظاهرة، يقدن السيارات دون تدريب أو حصول على رخصة قيادة أو رهبة أو خوف وتردد، يتحدثون عن فشل السماح للمرأة بقيادة السيارة وكأن قيادة السيارة فرض عين على النساء أن يقمن به، لا يعلمون أن السماح للمرأة بقيادة السيارة إنما يعني منحها هذا الحق الذي من حقها أن تستمتع به، كما أن من حقها أن تؤجل الاستمتاع به أو حتى تتنازل عنه.


هؤلاء الذين لا يزالون يعتقدون أن قيادة المرأة مسألة مخالفة للشرع لذلك لا يزالون يرون أن من باب محافظة المرأة على دينها أن تتجنب قيادة السيارة، ولا يزالون يرون أنها تمس شرف المرأة، ولذلك فإن صيانة شرفها هي التي تحول بينها وبين قيادة المرأة للسيارة.

ما يقوم به أولئك من بهجة من عدم مشاهدتهم نساء يملأن الشوارع وهن يقدن السيارات أو استخدام لوسائل التواصل للتأليب على من يقدن السيارات إنما هو حشرجة الموت لأوهامهم، التي لا تزال تراودهم كالكوابيس كلما صدر قرار يمنح المرأة حقاً من حقوقها ويعيد إليها الثقة فيها التي يحرصون على نزعها منها.