-A +A
عيسى الحليان
لا أعرف من هو صاحب المقولة الشهيرة التي يقول فيها إنه إذا لم تكن لديه سوى ساعة واحدة لإيجاد حل لمشكلة ما تتوقف عليها حياته، فإنه سوف يمضي الخمس والخمسين دقيقة الأولى في التعرف على طبيعة المشكلة وبوسعه بعدئذ إيجاد تعريف دقيق لها، وبالتالي لن يحتاج لأكثر من الدقائق الخمس المتبقية لايجاد حل لها.

والحقيقة أن هذه المقولة ينبغي أن تتحول لثقافة إدارية في مؤسساتنا العامة التي عادة لا تتوصل إلى حلول ناجعة رغم وفرة المال بسبب عدم تشخيص المشكلة بشكل دقيق وإعطائها حقها من الدراسات والأبحاث والخطط العامة، وبالتالي عدم نجاعة كل الحلول المترتبة عليها، وأولها التنمية بشكلها العام وتعريفاتها المترسبة في الذهنية العامة.


ومثل هذه المقولة تنسحب على معظم الملفات المعقدة كالبطالة أو الفساد أو تدني مستوى التعليم والصحة والخدمات العامة وغيرها من برامج التنمية، فلو سألت خمسة منظرين حكوميين مثلاً عن تعريفهم لطبيعة التنمية وإيجاد حلول مستدامة لبعض المشاكل العالقة مثلا لجاءتك خمس إجابات مختلفة مما يدل على ضعف تشخيص المشكلة وسطحية التعامل معها، في حين أنك لو اطلعت على التعريفات الدولية لمفهوم التنمية المستدامة وهو المفهوم الذي راج بعد قمة «ريو» العالمية، لوجدت أننا في وادٍ ومفهوم التنمية في تلك الدول في وادٍ آخر، خصوصاً بعد أن تخطت فكرة التنمية مجرد تحسين الخدمات العامة ومتطلبات الاستهلاك الاجتماعي، وحتى بناء المشاريع وتعدتها تعريفات التنمية إلى عملية أكبر وأكثر تعقيداً قابلة للقياس، ومن بين أهدافها رفع إنتاجية الفرد باعتباره هو المولد الحقيقي للثروة، وعليك أن تتخيل متطلبات تحقيق هذا الهدف من تعليم وتأهيل وثقافة إنتاجية وغيرها وهو ما يتطلب تغييراً لأنماط الإنتاج والاستهلاك للشعوب والمجتمعات وضمان الاستدامة الاقتصادية وغيرها.