-A +A
سعيد السريحي
من المؤسف أن يصبح بلد عربي كالعراق على حافة التقسيم، وأن يصبح مهددا بانفصال إقليمه الشمالي عنه والذي لا يعتبر جزءا من ترابه الوطني فحسب وإنما الجزء الذي يمثل الثقل الاقتصادي للعراق من حيث احتوائه على حقول النفط كذلك، وليس السبب الذي يغري إقليم كردستان بالتصويت على الاستقلال عن العراق ما يعانيه المركز المتمثل في بغداد من الضعف، كما لا يعود السبب إلى ما يستشعره الأكراد من استحقاقهم كقومية لوطن مستقل يمتلكون من خلاله حقهم في تقرير مصيرهم، وإنما يعود ذلك إلى السياسة التي انهجتها بغداد حين تحولت من دولة مدنية تجمع كافة أطياف المجتمع العراقي من عرب وأكراد وتركمان، وكذلك سنة وشيعة في إطار شامل من المواطنة التي تحفظ لكل طيف حقوقه وتمكنه من أداء واجباته، ليصبح دولة منحازة لطائفة محددة تقرر مصير العراق ومستقبله بناء على ما يحقق مصالحها، بل بلدا تتحكم في قراراته ومقاديره دولة مجاورة هي إيران التي تمكنت من فصله عن محيطه العربي وباتت تتباهى أنه أصبح إقليما تابعا لها تتم إدارته من قبلها وتهيمن ميليشياتها على أراضيه.

أفضت هذه السياسة إلى تشظي العراق، وإذا كان شيعة العراق، أو بعض شيعة العراق على نحو أدق، لا يجدون ضيرا في هذه التبعية التي تضعهم تحت هيمنة ولاية الفقيه فإن السنة عربا كانوا أو أكرادا لا يمكن لهم الخضوع لدولة تعتمد سياسة طائفية في تدبير شؤونها وإدارة مصالح المجتمع داخلها، وإذا كان الأكراد السنة يمتلكون من القوة ما مكنهم من إعلان رغبتهم في الانفصال فإن الضعف الذي انتهى إليه العرب السنة نتيجة هيمنة داعش على أراضيهم واستفحال قوة الحشد الشعبي الشيعي سوف يجعل من انفصالهم رغبة مؤجلة وعندها ستعرف العراق أن سياستها وتبعيتها لإيران هي التي أفضت بها إلى هذا التشظي والذي لا يعتبر انفصال إقليم كردستان سوى مقدمة له.


Suraihi@gmail.com