-A +A
سعيد السريحي
بصرف النظر عمن تكون الانتخابات قد أسفرت بفوزه رئيسا لفرنسا فإن فرنسا اليوم لم تعد هي فرنسا الأمس، ربما يكون هذا الأمر متفقا عليه لو أن العالم يفغر فمه هذا الصباح مندهشا من فوز اليمين الفرنسي المتطرف ووصول ماري لوبان لقصر الأليزية، غير أن الأمر يبقى مؤكدا حتى لو خسرت ماري لوبان، ذلك أن مجرد دخولها للدورة الثانية للانتخابات يعني تمتعها بشعبية تجعل فوزها أمرا محتملا، وحين كان قادة اليمين المعتدل واليسار والوسط يحذرون من نتائج التصويت للوبان واحتمال فوزها فإنما كانوا يحذرون من النزعة التي تجمع بين الانغلاق من ناحية والاستعلاء العرقي والثقافي الذي يقف وراء الحس القومي من ناحية أخرى، وهما النزعتان اللتان حملتا لوبان إلى الدورة الثانية من الانتخابات.

بصرف النظر عمن فاز اليوم، وكل الاحتمالات ترجح فوز ماكرون، إلا أن نتائج الانتخاب لا يمكن أن تحسم تناقضا يتنامى داخل الثقافة الفرنسية يمثل نقيض ما سعت الثورة الفرنسية إلى تأسيسه من قيم العدالة والأخوة والمساواة، تناقضا بين فرنسا المنفتحة على العالم وفرنسا التي تدير ظهرها للعالم، فرنسا الدولة الأممية وفرنسا الدولة العرقية الخالصة، فرنسا الإنسانية وفرنسا القومية، الانتخابات سمحت لهذه التناقضات أن تظهر إلى العلن ونتائج الانتخابات سوف تعيدها للسر ثانية بانتظار فرصة قادمة ربما تمثل محاولة جديدة للانغلاق لو حدث وخسرت لوبان هذه الجولة أو تصحيحا للمسار فيما لو فازت لوبان وجرب الفرنسيون معنى أن ينتموا إلى دولة تنتمي لليمين المتطرف.