-A +A
سعيد السريحي
ثمة نزوع إلى مقاومة أي تغيير، وهو نزوع يكاد يكون قاسما مشتركا بين المحافظين والذين يدعون إلى التجديد، وإذا كان موقف رفض التجديد متأصلا وواضحا في رؤية المحافظين فإنه يبدو مواربا عند من تعودوا على الدعوة إلى التغيير والمطالبة بالتجديد يتشكل فيما محاولاتهم المستميتة لاكتشاف ثغرات أي محاولة للتجديد والتغيير بحيث تبدو تحفظاتهم مجرد انتقادات على هامش التغيير وليست منبعثة ومنبثقة من موقف ضد التغيير نفسه، وهو موقف ربما يخاتل صاحبه فلا يكتشف التناقض بين دعوته للتغيير وحرصه على اكتشاف سلبيات التغيير، ولو أنه فكر قليلا وانطلق من إيمان وثقة لأدرك أن لكل تجربة في التغيير سلبياتها التي لا تستبين إلا بوضع التجربة موضع التنفيذ والعمل على إصلاح تلك المآخذ من داخل التجربة وليس من خارجها.

وقد يبدو هذا الرأي متعارضا مع الروح الانتقادية التي ينبغي أن يتسم بها الرأي حينما يتعلق الأمر بالمصالح العامة، وهو متعارض دون شك، ولذلك ما ينبغي التأكيد عليه هو أن علينا حين يتعلق الأمر بأي تجربة في التغيير أن نتريث كثيرا كي لا تختلط علينا الأمور، وأن نتوثق من أننا إنما ننطلق من تلك الروح الانتقادية وليس من نزعة محافظة تتوجس من كل تغيير تخاتلنا عن أنفسنا وتتستر على تناقض كامن فينا وخضوع لهيمنة خطاب ما فتئ يكرس بقاء كل شيء على ما هو عليه تخوفا من المستقبل وحفاظا على مصالح حققها الماضي.


علينا كي نكون مخلصين في مطالبتنا بالتطوير والتغيير أن ننطلق من قاعدة راسخة تؤكد أن التغيير بأخطائه ومزالقه خير من الركود الذي ينتج عن التمسك بما هو متحقق تخوفا مما يمكن تحقيقه، وعلينا أن ندرك أن المستقبل إنما يصنعه المغامرون.