-A +A
سارا علي
@sara_444555

خلط الناسُ بين مفهوم القدوة والقدوة الحسنة، بعد أن أثبت العالم –وليس العلم- أنّ بمقدور أيّ شخصٍ أن يكون قدوة، لكن ليس بقدرة الجميع أن يكونوا قدوة حسنة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ذكر القرآن الكريم أمثلة عن القدوة في شكليها، ونبدأ بالقدوة الحسنة والأسوة الرائعة «نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم»، حين قال تعالى عنه «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» لذلك كان التأسّي بالنبيّ الأعظم هو أجمل أنواع تأسّي الخَلْقَ بالخَلْق، وحين سُئلَتْ أمّنا عائشة - رضي الله عنها -عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام، لم تُجب إلا ببضع كلمات كانت كفيلة برسم خطة القدوة الحسنة وما يجب أن يكون عليها، فقالت «كانَ خُلُقُهُ القرآن»! وربما يصعب على الكثيرين فهم الخُلُق من القرآن، إذ يرسمون صورة الكتاب السماويّ الذي يعلّم الناس الحلال والحرام وطريق الجنة والنار، دون أن يعلّمهم أمور دينهم، وهو الكتاب الذي قال الله عنه في وصفه «ما فرّطنا في الكتاب من شيء». إذن.. كيف نقتدي بالنبيّ الذي تخلَّقَ بالقرآن؟ علينا أن نتدبّر فكما في القرآن من أخلاقيات البيعِ وضوابطه، نجدُ أخلاقيات التعامل عبر قصص أو مواعظ.. فاللهُ يعلّمنا التعامل بينَ المتعادين «ادفعْ بالتي هيَ أحسنُ فإذا الذي بينكَ وبينهُ عداوةٌ كأنهُ وليّ حميم» فأمرنا اللهُ بالفعل ثمّ أخبرنا بالنتيجة، ثمّ يُخبرنا في قصّة ذي القرنين اتخاذ الأسباب وكم غفلنا عن ذلك «فأتبعَ سبباً* ثمّ أتبعَ سبباً» وهنا يخبرنا اللهُ كيفَ استثمر ذو القرنين عِلْمَهُ في تطوير قوته وقدراته التي رزقه الرحمن بها، فانتفع بالعلم والقدرات، ثمّ وظفهما ليخدم هدفه، سبباً يتلوهُ سببٌ تتلوهُ أسباب، وهكذا يورد القرآنُ الحكمةَ تلو الحكمة والأمر تلو الأمر والمثل تلو المثل، لكنّ المتدبّر من يفهم، ويقتدي، وكما أورد القرآن مثالا عن القدوة الحسنة، أورد المثال عن القدوة السيئة، وفيها تبيانٌ أنّ باستطاعة المرء أن يكون أحدهما، ففي قصة السامريّ المثلُ على القدوة السيئة.


وحينَ خلط الناسُ بين القدوة والقدوة الحسنة، خلطوا كذلك بين القدوة الحسنة والمثل الأعلى، وما أعتقدهُ أنّنا نستطيع اتخاذ أكثر من قدوةٍ في أمورنا، أما المثلُ الأعلى، فلا يكونُ إلا شخصا واحدا جامعا لكلّ أمور القدوة في اختلافهم وتعدّدهم، وستكون الإجابة طبيعية لكلّ مَن تسألهم «من هوَ مثلك الأعلى»؟ ليجيبك «نبيّنا محمّد عليه الصلاة والسلام».