-A +A
حمود أبو طالب
لدينا عدد كبير من الشباب خارج الوطن ضمن برنامج الابتعاث وغيرهم ممن ارتبطوا بالبقاء في الخارج لأسباب مختلفة، لكنهم جميعا مشغولون بما يحدث في الوطن من تحولات جذرية وقرارات مصيرية، ويحرصون على معرفة حقيقة وتفاصيل ما يحدث لأنهم معنيون بالأمر أولا كمواطنين، ولأنهم يشعرون بالبعد قليلا عن الدائرة الوطنية التي يتم فيها اتخاذ القرارات، رغم وسائل الاتصالات والمواقع الإخبارية الإلكترونية ووسائل الإعلام الجديد. ربما لأنهم يشعرون أن بعض الأشياء لا تنقلها تلك الوسائل الإعلامية، وعندما نعرف حقيقة أنهم يعيشون وسط إعلام خارجي قد يحرف المعلومات أو حتى يضع فيها عمدا ما يثير القلق لدى الشباب حيال وطنهم، فإنهم يتلهفون لمعرفة الحقيقة من المتابعين للشأن العام في وطنهم.

طالب الدكتوراه في أمريكا «رائد بن زومة» جعل من منزله في فيرفاكس بولاية فرجينيا ملتقى أسبوعيا لنخبة من طلاب الدراسات العليا في مختلف التخصصات العلمية والنظرية. شباب أسعد بالحديث معهم كلما سنحت فرصة، لكن هذه المرة وضعوني على كرسي ساخن لفترة طويلة وكأني في جلسة استجواب أمام مجموعة كبيرة من المحققين، لسبب بسيط هو أني كاتب رأي، ولأنهم عرفوا أني كنت ضمن مجموعة الزملاء الكتّاب الذين التقوا بسمو الأمير محمد بن سلمان قبل إعلان الميزانية للحديث عن تفاصيل كثيرة تخص برنامج التحول ورؤية المملكة وغيرها من القضايا. انهالت الأسئلة الذكية العميقة من الجميع، وحاولت بأمانة وصدق ومسؤولية وشفافية أن أنقل لهم حقيقة ما دار في ذلك اللقاء الطويل، وانطباعي عما حدث فيه، وهو انطباع يحمل الكثير من الطمأنينة، رغم أن بعض الأسئلة ما زالت معلقة نحتاج جميعا معرفة الإجابات عليها.


شباب يحب وطنه بصدق، لكنه في هذه المرحلة بالذات يحتاج إلى التواصل معه بأسلوب مختلف لا يشبه الأسلوب القديم الذي اعتاد عليه كثيرمن المسؤولين. شباب لم يعد يؤمن بالأسلوب التسويقي المجاني لأي مشروع وطني دون معرفة لماذا وكيف وما المردود عليه من ذلك. التحولات الكبرى لدينا تحتاج بالضرورة أن تصل لكل الشباب في الداخل والخارج بشفافية وأساليب تحترم عقولهم، حتى لا تحدث فجأة يتم تعبئتها بمعلومات مشبوهة مغرضة أو غير دقيقة. ولكل ذلك نحن في حاجة ماسة إلى برنامج إعلامي غير تقليدي يتزامن بكثافة وقوة مع ما يحدث في الوطن، وذلك ما قلناه لسمو الأمير وينتظره الجميع.