-A +A
حمود أبو طالب
مع سائق مصري، على النمط المصري البسيط المباشر، رمى على سمعي هذا السؤال، لكن سؤاله أيقظني من شبه غفوة جلبتها لي نسائم النيل في مساء مشبع بالجمال.

وإيه اللي عملناه فيكم؟؟


كان هذا سؤالي رداً على سؤاله. وكان سؤالي عفويا وتلقائيا، لأني لم أسمع مثل هذا السؤال المفجع في الشارع المصري من قبل، لأن السؤال الذي كان يقال في الأزمنة الماضية بشكل مباشر أو غير مباشر يمكن صياغته كالآتي: إيه اللي ما عملتهوش لينا؟. هذا هو السؤال المنطقي، لأنهم يعرفون كم نحب مصر، أرضاً وإنساناً وتأريخاً.

إيه اللي عملناه يا عم؟؟

قال لي: قطعتوا عنا البترول علشان ما وافقناكمش في السياسة بتاعتكم. طيب: مين اللي قال يا عم؟ قال: فلان في التلفزيون هو اللي قال.

وفلان هذا وأمثاله يعرف العقلاء في مصر حكومة وشعبا أنهم أكبر ضرر على بلدهم قبل أن يكونوا ضررا على الآخرين. ويعرفون أنه لا وطن لهم إلا المال، ويعرفون أن قطرة من ماء النيل أغلى من ضمائرهم الملوثة.

أيها الأحبة في مصر: انتبهوا جيدا للثعابين التي تتسلل في الظلام وتصب السم في عروق علاقة تأريخية عنوانها وإطارها وجوهرها الحب النقي. لا أحد يستطيع شراء تأريخ مصر، ولا أحد يستطيع جر المملكة إلى ملعب الصغار. الصغار هم فقط الذين يكذبون ويبيعون ويشترون في تأريخ بلدانهم.

بيننا الكثير الكثير أيها الأشقاء، فانتبهوا للمتاجرين بكل شيء، والكاذبين في كل شيء.