-A +A
محمد العصيمي
أظن أنه سيأتي علينا يوم نقول فيه لو كانت «السوشيال ميديا» رجلاً لقتلته. وذلك لما يبدو من طوافح هذه الوسائل والاستغلال السيئ لها الذي يصل أحيانا إلى حد البشاعة. ومن هذا الاستغلال البشع والبغيض ضرب الناس بعضهم لبعض على أساس قبلي أو عرقي أو طائفي أو مناطقي؛ كون هذه الوسائل مفتوحة على مصاريعها لكل من هب بمعلومة خاطئة أو دب برأي لا يعي خطورته ولا يفقه أبعاده على الوطن وعلى الناس وعليه هو نفسه وعلى أولاده وأحفاده من بعده.

كان بعضهم أدخلني مؤخراً إلى واحد من (هاشتاقات) التقاذف على أساس الهوية وطلب مني (الفزعة) ضد من يعتبرهم دخلاء بثقافتهم وزيهم وطعامهم ولهجتهم إلى آخره. وكان هؤلاء الذين سماهم دخلاء قد سبقوه، عبر أكثر من اسم ووسم، إلى اتهام قبائل بعينها بأنها طارئة ومعتدية ولا يمثل تاريخها سوى صور من البدو الرحل قطاع الطرق.!!


وما بين مطرقة هذا ومطرقة ذاك يستقبل الصغير والكبير والمتعلم والجاهل والعاقل وغير العاقل هذه الرسائل التي يدفع بها تويتر والفيسبوك وغيرهما من الوسائل لتزعزع ما استقر عليه وجدان الناس ووجودهم باعتبارهم شعبا ينتمي لوطن واحد. وأنهم إذا ما اعتنقوا هذه الأفكار والألفاظ التصنيفية والإلغائية عادوا إلى دعوى الجاهلية المنتنة التي حذّر منها نبيهم صلى الله عليه وسلم لما قال حينها الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين.!!

المشكلة أنهم جميعاً يعون ذلك ويحفظون عن ظهر قلب قرآنهم وأحاديث نبيهم لكنهم يسدرون في غيهم ويزايدون على بعضهم ويصعدون مواقفهم واتهاماتهم ضد بعضهم البعض. وإذا خرج لهم من يقول إن ما تفعلونه خطيئة ضد الوطن ووحدته واستقراره واستقراركم وأمانه وأمانكم كالوا له الشتائم وصغروه وحقروه وكأنه ارتكب أعظم الذنوب وأشر الأفعال.

نحن إزاء شر عظيم يتبناه حاقدون ومناوئون ومتربصون تجيد كتائبهم إثارة الناس على (السوشيال ميديا) ليضرب ويشتم بعضهم بعضا فيتفرقوا ويخسروا لحمتهم ومصالحهم المشتركة كمواطنين ليسهل بعد ذلك الانقضاض عليهم جميعاً وهدم مكتسباتهم وأمانهم.

العقلاء اليوم يتحملون مسؤولية كبرى في إنكار هذه التصرفات والتوعية بشرورها وخطورة نتائجها باستخدام نفس الوسائل التي تروجها وتنفخ في نارها. وإلى جانب العقلاء على الدولة أن تُجهض هذه الدعاوى وأن تدفنها في مهدها وتعتبرها، إذا حدثت من أي كان، من الخيانات العظمى.