-A +A
علي محمد الحازمي
مرت منظمة أوبك بأحداث وأزمات تاريخية مهمة ابتداءً بالصراع العربي الإسرائيلي في سبعينيات القرن الماضي، مروراً بالهجوم على مقرها في فيينا في العام 1975، علاوة لأزمة 1987 عندما انخفضت مستويات الأسعار إلى أقل من 10 دولارات، إضافة لمنعطف الغزو العراقي للكويت في العام 1991 الذي تم على إثره تدمير أكثر من 1000 بئر نفطية، ولا ننسى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي أثّرت سلباً على أسواق النفط، وصولاً لأزمة انخفاض الطلب في العام 2014. سأخصص هذا المقال للحديث عن الدور المحوري الذي لعبه رجل الدبلوماسية الأول في منظمة أوبك الأمير عبدالعزيز بن سلمان في الحقبة ما بعد العام 2015 التي شهدت تحولات مفصلية على مستوى منظمة أوبك.

عاشت منظمة أوبك في العام 2015 واحدة من أحرج الفترات في أسوأ ركود عرفته أسواق النفط في ذلك التوقيت، ومن هنا خرجت فكرة تبناها سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان لتوسيع نطاق أعضاء تحالف أوبك ليشمل عدداً أكثر من الدول عن ذي قبل للتنسيق وتوحيد الجهود فيما يخص قطاع الطاقة عالمياً. تركزت أنظار قادة أوبك على روسيا التي تعتبر واحدة من أهم اللاعبين في أسواق الطاقة العالمية. ففي سبتمبر من العام 2016 بدأت المفاوضات مع الدب الروسي بناء على اتفاق الجزائر وفي غضون أقل من ثلاثة أشهر أصبحت روسيا جزءاً لا يتجزأ من التحالف تحت مسمى أوبك بلس. على الرغم من تردد الدب الروسي آنذاك في الانضمام إلى تحالف أوبك بلس، مفضلاً الحفاظ على استقلاله والسعي لتحقيق مصالحه الخاصة، إلا أن حنكة مهندس التحالفات الأمير عبدالعزيز بن سلمان أكبر من التردد الروسي. إقناع دولة بحجم روسيا بهذه الخطوة بأيديولوجيتها وخلفياتها السياسية والاقتصادية أمر ليس في متناول الجميع ولا يقوى عليه حتى صنّاع القرار في كبرى الدول العالمية، والتاريخ يخبرنا بذلك.


في أواخر العام 2019 استشرف عرّاب أوبك الأمير عبدالعزيز بن سلمان انخفاض الطلب العالمي على النفط بسبب جائحة كورونا، إلا أن كثيراً من الدول في منظمة أوبك بلس لم تؤمن بهذه الرؤية وعلى رأسهم روسيا التي صرح وزير طاقتها نوفاك، أنه «ليس هناك قيود سواء على أوبك أو المنتجين من خارجها في كميات الإنتاج». وفي غضون أقل من شهر تهاوت أسعار النفط إلى أرقام لم يصدقها أو يسمع عنها أحد من قبل (- 37). طلبت كلٌّ من الولايات المتحدة وروسيا ممثلة في رؤسائها ترمب وبوتين من المملكة سرعة التدخل لإيجاد حلول توقف نزيف الأسعار. وهنا أتى مبضع الجراح الأمير عبدالعزيز بن سلمان بخلق توافق داخل أوبك بلس بتخفيض الإنتاج الأضخم تاريخياً بـ9.7 مليون برميل يومياً من أجل استعادة التوازن في السوق وهو ما يعادل حوالى 10 % من الإنتاج العالمي. تمكن «سمو» الجراح بمبضعه الفاخر من إزالة البراميل الزائدة عن حاجة جسد الاقتصاد العالمي وإعادة الأسعار لمستويات 122 دولاراً في أقل من عام. كل المكتسبات التي حققت منذ منتصف العام 2020 على مستوى المنظمة والتوافق بين جميع الأعضاء من ناحية خفض أو زيادة الإنتاج والاستراتيجيات طويلة المدى هي منجزات تُجير لصالح الأمير عبدالعزيز بن سلمان بشهادة من هم داخل أو خارج منظمة أوبك بلس.

ختاماً؛ الكثير من الأحداث التاريخية التي عاصرها رجل الدبلوماسية الأول في منظمة أوبك وعرابها وأيقونتها التي لا تغرب الشمس عنه طيلة 35 عاماً لا بد من أن تروى للأجيال القادمة.