-A +A
بشرى فيصل السباعي
هذا عنوان سلسلة وثائقية بريطانية -Making a Monster) 2020م) جمعت شهادات أبرز علماء النفس الجنائي بالعالم الذين درسوا بشكل مباشر وشخصي أكثر المجرمين شرا بالتاريخ، بالإضافة لتعليقات علماء نفس آخرين على نتائج دراساتهم حول الأسباب التي تؤدي لتحويل طفل بريء إلى وحش يتحرش ويغتصب ويعذب ويقتل العشرات من الأبرياء بأشنع الصور والوسائل، والنتيجة التي خلصوا إليها جميعا أن السبب في صنع هؤلاء الوحوش هو التعرض للعنف المادي والمعنوي بالصغر، أي الثقافة العائلية العنيفة والثقافة العامة السائدة السلبية، فحتى لو كان الأهل مستقيمين ومتدينين لكنهم يلجأون للعنف المادي والمعنوي كوسيلة تربوية لمعاقبة الطفل فهذا بحد ذاته يؤدي لتشوهه وانحراف فطرته وعقليته ونفسيته وأخلاقه وشخصيته وسلوكه ونزعاته ويولد لديه نزعات سادية مرضية أي تستمتع بالتسبب بالمعاناة المادية والمعنوية للآخرين وكل التلقين الأخلاقي والديني الذي يتلقاه من الأهل والمدرسة ودور العبادة لا يمكنه إصلاح التشوهات الجذرية التي يحدثها العنف المادي والمعنوي وما يتولد عنها من ميول ونزعات منحرفة شاذة وإجرامية، ولذا كل من يعمل في الهيئات المعنية بالعنف الأسري ومن يعتقد أن العنف أسلوب تربوي صالح يجب أن يشاهد هذ السلسلة، ففي نهاية كل حلقة عن وحش من هؤلاء الوحوش يردد المعلق ذات التساؤل: ماذا لو كانت الهيئات المعنية برعاية الأطفال تدخلت لإنقاذ هذا الوحش عندما كان طفلا بريئا من البيئة العنيفة التي كانت تشوهه وتصنع منه الوحش الذي سيصبح عليه مستقبلا هل كان هذا الطفل البريء سيتحول إلى وحش؟ فعندما يتم التجاوب مع بلاغات العنف الاسري بطريقة غير مناسبة ولا يتم توفير الحماية بشكل حقيقي للعائلة فليست فقط العائلة هي من ستتضرر وربما تتعرض للقتل فمن ينشأ بمثل هذا البيت من الجنسين سيتشوه من كل وجه ويصبح خطرا وضررا على كل المجتمع وحيثما وجد سيتسبب بالمعاناة للآخرين وإن لم يصبح مجرما جنائيا فهو سيعامل الآخرين بأنماط إجرامية تدمرهم، فكم من الناس تدمروا وتركوا تعليمهم أو عملهم وأصيبوا بعقد وبأمراض نفسية وأدمنوا وانتحروا بسبب عشرتهم لأحد في المجال الخاص أو العام له مثل تلك الشخصية المنحرفة التي تستمتع بما تنفر منه النفوس الطبيعية التي لم تتعرض للعنف الأسري؟ أي تستمتع بالقيام بتعذيب وإشقاء كل من حولها حتى دون أي خطأ أو مخالفة من قبلهم إنما فقط لأن لديه متعة منحرفة بالتسبب بالمعاناة المادية والمعنوية للآخرين ولذا هو يقوم بذلك من باب الاستمتاع ولو زعم أنه يقوم به لأغراض تربوية وما شابه من حجج باطلة، وهذا ينطبق على الجنسين فحتى الأنثى تصيبها ذات التشوهات التي تصيب الذكر عند تعرضها للعنف الأسري وهناك سفاحات قتلن عشرات الرجال، ورؤية الأطفال أمهم تتعرض للعنف هو نوع من العنف ضد الطفل، ولا يوجد مجرم من الجنسين تمت دراسته لم يكن العنف الأسري سبب تحوله لمجرم وبخاصة إن رافق ذلك التعرض للتحرش بالصغر وهذه خطورة عدم التبليغ عن المتحرشين بحجة الخوف من الفضيحة فهذا يجعلهم يتابعون الإجرام طوال حياتهم مما قد يؤدي لانحرافات إجرامية لدى عشرات الضحايا، ويمكن علاج المتحرشين بـ«الإخصاء الكيمائي» وهو علاج دوائي يزيل الشهوة لديهم للقيام بالاعتداءات الجنسية وتطبقه عديد من الدول وأجازته الفتاوى الإسلامية، ولذا أهم وسيلة لمحاربة الجريمة والإرهاب والطلاق والإدمان والهروب من البيوت والأمراض العقلية وقتل الأهل والانحرافات والعنف الاجتماعي والتنمر بالمدارس الذي وصل لدرجة قتل أطفال الابتدائية لبعضهم بمدارسنا هي نشر الوعي حول خطورة وأضرار العنف الأسري ونشر المعرفة النفسية التربوية عن الوسائل البديلة عن العنف ووضع آليات أكثر حزما في التعامل مع بلاغات العنف الأسري تقوم على معاقبة العنيف بإبعاده لفترة عن بيت الأسرة وإلزامه بالخضوع لبرنامج علاج نفسي سلوكي بالإضافة للعقوبات البديلة كتنظيف حمامات المساجد لتتواضع عنجهيته وتجبره العنيف.