-A +A
أريج الجهني
قد يظن القارئ أن المقال عن قرار «التعليم» في إعادة هيكلة العام الدراسي بطريقة رشيقة ممشوقة القوام معقولة الدوام خفيفة الأيام، نسأل الله أن يوفق القائمين عليها في هذا التحول التاريخي المبهج، لكن في الحقيقة أن المقال ليس عن هذا على الإطلاق، إنما عن الفصل الثالث في الحياة، نعم نحن نعلم أن هناك فصل الحياة وفصل الموت، وفصل الشباب وفصل المشيب، وما بين هذا وذاك تذوب أرواحنا ألف مرة وتنصهر، وتحيا بنا آمال وتموت بداخلنا أحلام، هكذا الإنسان لا يلبث أن يستكين لحال حتى ويستميله حال مخالف.

الفصل الثالث في الحياة هو سمعتك وعملك؛ نعم.. الفصل الذي في الغالب لا تسمعه لكنك تصنعه، اليوم أنت تبنيه تأمل.. ما الذي يبقي جذوة الشغف في أنفسنا بجانب اليقين بالرحيل عن الحياة والإيمان بالموت ومآلاته، نعم الفصل الثالث أنت لا تعلم كيف سيكتب لكن لنعد التجربة ونفكر، هل من كتبوا سيرهم قبل مماتهم أنصفوا أنفسهم؟ وهل من العدل للنفس أن تكتب ما عانيت منه وتخفي ما جنيته؟. الأسئلة الأخلاقية التي يطرحها الإنسان سواء داخل عقله أو في نقاشاته عن الأثر والتأثير لا يوجد لها إجابات مثالية!. لا يوجد صح أو خطأ؛ مقبول أو غير مقبول؛ هي رغبة أو حاجة أو قضية فرد.


تخيفني فكرة المحاكمة للأفكار رغم ضرورتها للسلوك؛ وهنا تأتي المعضلة هل نحاكم الأفكار قبل أن تتحول لسلوك؟ أم نحاكم السلوك إن انصاع للأفكار المتطرفة. قد يبدو ما سبق سؤال مضحك؛ لكن في الحقيقة نحن البشر نطوع الأحكام كما تشتهي مواقفنا وكما نغذي الأنا القابعة بين أعيننا؛ لهذا لا سلطان على القلب إن عشق فهو يفقد ميزانه وتضمحل سطوة العقل حتى يودي بصاحبه للجنون.

فصلك الثالث قد يكون موازيا لحياتك، فأنت تشعر بأنك تعيش حياتين في بعض الأحيان؛ ما يطلبه المحيطون وما يمليه عليك ضميرك. قد تعلق روحك في مكان لا تنتمي إليه وتجد أنك غائب عن الحضور رغم اتساع رقعة هالتك؛ قد تضيء في روح أحدهم ما عجزت أن تضيئه في نفسك، قد تنصف مظلوما بحكمتك وتغذي روحا مجدبة ببسمة عابرة. توقيتك الزمني هو الأدق وحاستك السادسة لا تكذب. أخيرا وأرجو أن لا تخبر أحدا: ما أقدم عهدك في نفسي وكأنك الأبد.