-A +A
أنمار مطاوع
المدير الناجح هو الذي ينجح في تحقيق الأهداف، وينجح في التواصل الإيجابي مع موظفيه، وينجح في الحفاظ على الروح المعنوية العالية داخل إدارته. وبقية أنواع المديرين تراوح ما بين العادي والسيئ.. والأسوأ.

يقول أحد الموظفين القدامى: «يستثيرني دائما التحدث عن المديرين، فخبرتي معهم لم تكن سعيدة. أنا موظف قضى بدايات رحلته العملية واقفا عند عنق الزجاجة، أقوم بنفس العمل.. وأحمل وصمة: صاحب المشاكل. دعني أسرد قصتي من البداية. عشت سنوات طويلة من عمري الوظيفي معتقدا أنني ضحية مديري. هكذا كنت أعتقد.. فأول مدير عملت معه كان مديرا سلبيا. كما تعرف هناك أنواع متعددة من المديرين؛ منهم: المتسلط والجاهل والقديم والمبدع.. لكن أول مدير لي كان: السلبي. وهذه كانت نقطة مفصلية في مسيرتي». «.. شخصيا من خلال تجربتي.. النوعية السائدة والأشهر من المديرين هو السلبي. هذا المدير له مواصفات تميزه عن غيره: هو مدير صامت قولا وفعلا.. لا يحب الكلام مع الموظفين حتى لا يعرف المشاكل التي تواجههم في العمل.. بل يرفض أي نقاش أو طلب لحل معضلة أو مشكلة مهما كانت صغيرة.. هو مدير يرفض كل جديد ويكره كل تغيير.. الموظف في إدارته يواجه التحديات والمشاكل وحده. هذا المدير ينزوي ويترك الموظفين يتخبطون في كل اتجاه.. هو لا يتصرف أبدا -رغم أنه يعرف الحلول- ولكنه سلبي.. لا يتخذ أي إجراء. تخيل.. ثلاث سنوات تحت إدارته لم يرسل أي بريد إلكتروني يشرح فيه مشكلة أو يطلب حلا من رؤسائه، رغم أننا نواجه مشاكل يومية تحتاج لتدخلهم.. كل المديرين يتحركون إلا هذا المدير.. سلبي». «.. الخطأ الذي ارتكبته هو أنني بدأت حياتي العملية في صدامات مستمرة معه. ما لم أعرفه في ذلك الوقت هو أن هذا النوع من المديرين همهم المحافظة على كراسيهم ومراكزهم، ولذلك هم حريصون على عدم ارتكاب أخطاء. كان حذرا جدا في حماية نفسه.. بالأنظمة والقوانين».. «.. كما أن من سماته أنه ليس مؤذيا.. حتى لو تطاول عليه أي موظف. لذلك كنت في صدامات متتالية معه.. وكان لطيفا معي دائما».


المدير السلبي مُحبط لكل من يعمل معه.. وهو في النهاية قضية خاسرة؛ محاولة تطويره قضية خاسرة.. ومحاولة إزاحته قضية خاسرة. فإما أن يستنفد الموظف جهده في إضاعة الوقت في قضايا خاسرة تنتهي بالإحباط.. أو أن يبدأ في التعامل مع هذه البيئة الحتمية ويخرج من عنق الزجاجة.

«.. أيقنت أخيرا.. بعد سنوات طويلة.. أن الحل ينبع من داخل الإدارة -من مجموعة الموظفين- وليس من خارجها. أولا على كل موظف يعمل تحت مدير سلبي أن يعتمد على زملائه لإيجاد الحلول وتجاوز المعضلات. وعلى هذه المجموعة أن تتحفز داخليا ولا تترك روح الإحباط تخيم عليها.. وأن تقوي أواصر التعاون في ما بينها».. «.. على المستوى الفردي، على كل موظف أن يتعرف على آلية سير المعاملات والإجراءات.. ويتعرف على موظفين في إدارات أخرى يساعدونه في حل المشكلات.. وينسى أن لديه مديرا». «.. لو تريد نصيحتي لكل من يعمل تحت إدارة مدير سلبي.. اسمع أهم نصيحة: لا تدخل في صدام مع هذا المدير ولا تبذل أي جهد في كشفه للإدارة العليا أو رفع شكاوى ضده. بل على العكس عليك أن تبدي له كامل الاحترام والتقدير.. نعم.. كامل الاحترام والتقدير.. هذا الأسلوب يجعله يمنحك الثقة.. وإذا حصلت على ثقته تستطيع أن تعمل مع زملائك ومعارفك من الإدارات الأخرى لتتحرك نحو تحقيق الأهداف.. لك ولمجموعتك. فلا تنس أن المدير السلبي عادة ما يكون طيبا جدا فهو لا يرغب في أي مشاكل مع أحد.. هو لا يؤذي أحدا.. استثمر هذه السمة لصالحك».

«.. لا أخفيك.. بعد ستة أشهر من استخدام هذا الأسلوب، أصبح اسمي معروفا في الإدارات الأخرى.. وأصبح مديرو الأقسام يلجأون لي لحل الإشكالات مع إدارتنا.. بل وتتم دعوتي لاجتماعات الإدارة العليا. لاحقا، حصلت على عروض وظيفية بمسميات أفضل من عدة إدارات».

تعامل الموظف مع بيئة العمل بشكل احترافي يُخرج أفضل النتائج.. ويجعله في النهاية.. هو الرابح الأكبر.