-A +A
ريهام زامكه
دعتني صديقة (شبه عزيزة) إلى دارها على وليمة عشاء ثقيلة مثلها بالوزن و(الطينة)، واستقبلتنا بحفاوة وترحيب مؤكدة على تطبيق جميع الإجراءات الاحترازية والتباعد فيما بين الحاضرات، وكانت مبتهجة ومسرورة وهيأتها صفراء تسر الناظرين.

وكالعادة في المجالس النسائية، يبدأ الحديث بالسؤال عن الحال والأحوال، وينتهي (بالحَش) والنميمة والتقطيع في (فروة) فُلان وعِلان ثم نستغفر بعدها عن ما تقدم من (حَشنا) وما تأخر ونقول كفارة المجلس.


ولأننا لم نلتقِ ونجتمع (منذُ مبطي) احتفت بنا الداعية وتكلفت بالعشاء وكأنها من سُلالة (حاتم الطائي)، فقالت: عشاكم يا بنات خرفان و(قعدان)، وطبعاً الخروف معروف والقعود هو (Baby) الجمل. فانفرجت أسارير (آكلات اللحوم) من صديقاتي الشرسات وضاقت بي الوسيعة.

ثم قالت على طريقة (الطقاقات) تفضلوا على العشاء، وتفضل النواعم على الوليمة وشمرت هي عن أكمامها وبدأت بالتقطيع بيدها الغليظة مما جعل نفسي (تَلعي) وتنسد شهيتي عن الطعام.

ثم التفتت نحوي وقالت لي: (اقلطي)، لكني والله (ما قلطت) واعتذرت منها فنوعية الأكل لا تناسبني ثم سألتها بأدب:

عندكم (سوشي)؟ فقالت لي: نعم (يختّي) لا ما عندنا، ثم سألتها: طيب ورق عنب؟ لكنها رمقتني بنظرة غير لطيفة و(طنشتني) ولم ترد عليّ، فأكلت (هوّا) وانطميت!

وبعد الانتهاء من هذه (المعركة) عفواً أقصد (العشوة الدسمة) بقي هناك الكثير من الطعام، فاقترحت إحداهن على صاحبة البيت أن تتصل (بجمعية حفظ النعمة) ليأخذوا الفائض ويوزعوه صدقةً لوجه الله.

ورحبت كثيراً بالفكرة، واتصلنا بهم لنستفسر عن آلية عملهم وهل بإمكانهم المجيء لتحصيل باقي الطعام، فتحدثت أنا مع أحد موظفي الجمعية، وقال لي:

لا بد أن تتصلوا قبل المناسبة بيوم على الأقل، وغير هذا يجب عليكم أن تدفعوا مبلغ 200 ريال قبل أن يصلكم العُمال ليباشروا عملهم!

فاستغربت كثيراً، أولاً كونها (جمعية خيرية) فسألته:

هل المبلغ هذا إلزامي في كل زيارة؟ قال: نعم، فقلت له: ألا يصلكم دعم حكومي ودعم من أهل الخير؟ فقال لي أيضاً نعم، غير أن هذا المبلغ يا أختي يعتبر (تبرعاً) منكم للجمعية!

فقلت له: عادةً ما يكون التبرع اختيارياً وليس إلزامياً وهُنا تنتفي صفتكم كجمعية خيرية إلى مؤسسة ربحية كونكم تأخذون (مقابلاً مادياً) وأخشى أن يكون هذا (تنفيراً) للناس عن عمل الخير، والأولى بكم أن تقولوا: هذا (رسم خدمة) وليس تبرعاً! ويبدو لي لم يعجبه كلامي فقال لي:

«إذا حولتم المبلغ جئناكم».

ولكني لم أغلق الخط وشعرت أنني (بلشة) وابتلش فيها هذا الموظف المسكين، فقلت له: افرض أني صاحبة مطعم وكل يوم عندي فائض من الطعام، هل من المعقول أن أدفع لكم في كل زيارة مبلغ 200 ريال؟ هذا يعني إن تعاملت معكم فسوف أدفع لكم 6000 ريال شهرياً! وإن تعاملت معكم 10 مطاعم على الأقل فسوف يعود لكم مبلغ 60.000 ريال!

فتلعثم ولم يرد علي بجواب واضح، بل لمح لي إن تعاقدت معهم فسوف يعملون لي (ديسكاوند) مشكورين!

عرضت الفكرة على صاحب مطعم شهير، وهو بالمناسبة شخص سهل تقلع ضرسه ولا تخرج قرشه، وقلت له تبرع وادفع، فقال لي: إيييه يا ريهام، «الله يرحم جدي اللي مات ما هو متغدي»!

Rehamzamkah@yahoo.com