-A +A
حمود أبو طالب
قال المتحدث الرسمي لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد في حوار تلفزيوني بعد الكشف عن حادثة الفساد الكبيرة قبل ثلاثة أيام: لاحظت الهيئة ضعفاً في الجانب الرقابي لدى كثير من الجهات الحكومية في متابعة مشاريعها، وترتب على ذلك عدم الاستفادة من الغرض الذي أنشئت من أجله، أو تنفيذها بشكل معيب، وذلك ما يفتح منافذ للفساد باستغلال تلك العقود والمشاريع للتعدي على المال العام وتقويض جهود الدولة في دعم مسيرة التنمية.

وأرجو منكم التركيز على بعض المفردات والعبارات التي جاءت في التصريح، فهو يقول «كثير» من الجهات الحكومية وليس بعضها، ويقول «عدم الاستفادة» من المشاريع، ويقول تنفيذها بشكل «معيب»، ويقول «استغلال» العقود «للتعدي» على المال العام، و«تقويض» جهود الدولة. هذا الكلام ليس إنشائياً أو مرسلاً كيفما اتفق، وليس مبالغة لشخص بعيد عن المشهد الحقيقي لما يحدث، بل كلام لمسؤول في الجهة الرسمية المعنية بمكافحة الفساد يعي جيداً ما يختاره من مفردات لوصف الحال الذي وصلنا إليه بسبب التسيب المزمن في ضبط الأمور.


عندما لا تراقب الجهات الحكومية تنفيذ مشاريعها والتأكد من تنفيذها بحسب مواصفات الجودة المطلوبة فذلك ليس جهلاً بخطورة ما تفعله ولكن لأنها تعج بالفاسدين الذين تذهب نسبة كبيرة من مبالغ العقود إلى جيوبهم لتنتهي كثير من المشاريع بالشكل المزري الذي نراه، دون مساءلة لماذا هي كذلك. لقد تم عقد تحالف حقير وعلني بين كثير من المسؤولين والمقاولين على حساب الوطن والمواطن، وأهدرت ميزانيات طائلة على مشاريع مشوهة، أو مشاريع لم تنفذ أساساً بينما مبالغها قد تم اعتمادها وصرفها.

الحديث عن الفساد يطول ويطول، وهو حديث مؤلم، ولكن الأمل في استمرار هذه الهجمة القوية عليه دون هوادة، لأنه لا تقوم قائمة لوطن يتعايش مع الفساد ويستسلم له.

habutalib@hotmail.com