-A +A
أريج الجهني
لأنك سكر صباحك سكر، عبارة تسمعها دائما بين الناس ولو علموا ما في السكر من شرور لجعلوها في سجل الهجاء لا الغزل، هكذا ببساطة نحن والسكر تاريخ بشري ممتد، فالإنسان عبر التاريخ يتوق لما يرفع عزيمته ويضاعف نشوته وهذا ما يفعله السكر في عقولنا قبل أجسادنا وتتلذذ به أعيننا قبل حواسنا، السكر حرب تاريخية لكن لماذا لا نهاجمه نحن، ونعلن الحرب على السكر! ولتكن حرب وزارة الصحة على السكر بذات وتيرة حربهم الباسلة على كورونا بقائدها الشجاع الدكتور توفيق الربيعة وفريقه المتميز، نعم نحن بحاجة لأن نعلن الحرب على السكر، وكيف لا فيكفيك أن تعرف أن صناعة السكر قامت على ظهور العبيد! هذا ما قاله العالم الانثروبولجي الأمريكي سيدني ويلفريد مينتز بكتاب الحلاوة والسلطة، بل إن تم إضافة السكر في نظام الغذاء لطبقة العمال الكادحين ليسد عدد السعرات الكافية ليومهم! واستخدم في العديد من الفترات التاريخية في الحروب الاقتصادية والتغييرات الاجتماعية فالأنظمة الغذائية تحكي لنا الكثير عن أصحابها، فالصحون الممتلئة بالطعام لها معانيها وسياقها بذات القدر الذي تعنيه الصحون الفارغة! وكيف يقرأها الناس.

العالم الأمريكي أيضا غاري توبيس له صولات وجولات كأخصائي تغذية من هارفرد وأيضا ككاتب صحفي مثير للجدل، بأطروحاته العلمية وأبرزها كتابه (قضية ضد السكر)، حيث يناقش في أعماله بشكل صارم خطورة (السكر على الإنسان) ويقدم الكثير من المعلومات حول جودة السعرات الحرارية وقسمها لسعرات جيدة وسعرات ضارة، طرحت بالأمس سؤالا عابرا للمتابعين إن كانوا يقومون بحساب سعراتهم تحديدا (غرامات السكر) ولم تكن النتيجة مفاجئة بالنسبة لي فأكثر من 50% أجابوا بـ(لا)، جسد الإنسان وعاء روحه ونحن منذ أن نأتي للحياة نتذوق الماء بالسكر!، في حين يجري العلماء تجارب بأننا يمكننا تجنيب الأطفال (إدمان السكر) من خلال عدم إدخاله لنظامهم الغذائي، لكن ما الذي يحدث؟.


إننا لا نضع السكر كعدو حرب!، بل ها نحن نستفتح شهر رمضان المبارك بإذن الله وقد يكاد لا يخلو نظامنا من (الحلا والمعجنات والمقليات) وقد تتناول في قضمة واحدة 400 سعرة حرارية! دون أن تشعر بتأنيب الضمير، ويبدأ البنكرياس بالدفاع عن جسدك والدفاع عن سلامتك وصحتك وعن عينيك وعن أقدامك! ألا يستحق هذا اللاعب المدافع أن تمنحه السلام وتعلن هدنة مع السكريات!، لنكن أكثر صراحة نحن لا نأخذ صحتنا على محمل الجد أليس كذلك؟ لأن القصة كلها (ثقافة)!، نعم هي ثقافة وعادات، علينا أن نواجه هذا، ولعل العزلة الاجتماعية التي نعيشها الآن قسرا ستجعلنا أكثر إنسانية مع أجسادنا، ولعلها ساعة الصفر التي ستجعلك لا تهرع لحبة معجنات مشبعة بالدهون المشبعة وغير مشبعة؟، جودة البروتينات والدهون الصحية والكاربوهيدرات ضرورية ليست لأنك تريد أن تخسر الوزن بل لأنك لا تريد أن تخسر حياتك!

ماذا لو استنفرت بعض الجهات كالمستشفيات الخاصة لوضع برامج ومسابقات للمقلعين عن السكر!، وماذا لو تم رفع ضريبة السكر لتكون فاتورة العلاج منها، العالم يقود حربا شرسة ضد السكر وعدد كبير من الأشخاص من حولي بدأوا بالفعل حربهم ضده بأنظمة متنوعة بإشراف متخصصين، فالتوقف المفاجئ بالتأكيد لا يجب أن يحدث إلا بإشراف أخصائيي التغذية لإعطاء بدائل وبرنامج يناسب احتياجاتك، اخلق لنفسك شبكة تغذوية تتشارك فيها عاداتك الصحية، تجنب المجاملات قدر المستطاع، فأنت إن اضطررت لإبرة الأنسولين لا سمح الله لن تنفعك (العادات والسلوم)، كنت أنتقد دائما الترف والبذخ في مناسباتنا، الآن نحن في بيوتنا وحدنا لكن بقيت فلاشات السناب! والتهريج السوشيلي فلا تجعله هدفك، أخيرا هل الأمر يستدعي كل هذا؟ نعم إنها صحتك وإنها ثقافة، ولقد كذب من قال (كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس)، والصحيح (كل ما يعجب الطبيب والبس ما يعجبك أنت)!.

ومبارك عليكم الشهر..

* كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com