-A +A
محمد أحمد الحساني
سبق لي الكتابة عن نساء أو فتيات يلجأن إلى هيئة الأمر بالمعروف أو السلطات الأمنية لحمايتهن من ابتزاز بعض الأنذال من الذكور، حيث تسمع الواحدة منهن معسول الكلام من ذئب بشري مترصد فتصدقه وتتمادى في علاقاتها الهاتفية معه وتثق في وعوده فتسلمه بعض صورها الخاصة، فيخلع عندها ثيابه الشفافة الرقيقة وتظهر أنيابه ويبدأ في ابتزازها ماديا أو جسديا أو كليهما معا، فإذا فاض بها الحال وازداد الذئب سعارا لم تجد بدا من اللجوء إلى من يساعدها على حماية نفسها منه، وكان آخر الضحايا فتاة ظل ذئب خسيس يبتزها ماليا حتى بلغ مجموع ما استولى عليه من أموالها نحو نصف مليون ريال، فتم عمل كمين له وقبض عليه وأحيل للادعاء والتحقيق، ولم يرد في الخبر الذي نشر قبل أيام إن كان بالإمكان استعادة ما استلبه منها من أموال أم أنه سوف يدعي أنه تصرف في تلك الأموال في نزواته الخاصة!
ولعل ابتزاز النساء والفتيات بشكل أكثر يطرح أسئلة حول الدوافع والظروف التي تجعل الضحايا يسقطن في شباك الذئاب كما تسقط الفراشات الملونة في أتون النار المضيئة منجذبات إليها بشكل غريزي، وما الذي جعل عقل الضحية يتعطل لمجرد أن رجلا لوح لها وأسمعها كلمات دافئة، وهل للنظرة الاجتماعية إلى العوانس علاقة بتلهف معظم الفتيات على الزواج في أقرب فرصة تسنح لهن حتى لا تصل الواحدة منهن إلى سن العنوسة وتظل تسمع من المجتمع كلمات توبيخ عن تأخرها في الزواج وكأن الأمر بيدها وليس بيد الله!، فإن لوح لها رجل ما بمنديل واسمعها بعض الكلمات وقدم لها بعض المواعيد اندفعت نحوه كاندفاع الفراشة نحو النار فيسهل عليه التهامها أو على الأقل وضعها تحت مطرقة الابتزاز التي لا ترحم، حتى انطبق على الضحايا المثل الشعبي القائل: هش.. فين أخش!!

إن المجتمع لا شك مشارك في صياغة نفسية بناته وإضعاف شخصياتهن ضعفا انعكس سلبا على كثير منهن، وربما ساهم وجود تفكك أسري وعدم وجود رعاية حانية إلى تحول الفتاة إلى طريدة قاصية يسهل على الذئاب الوصول إليها والتهامها في غفلة من الأسرة اللاهية، ولعل ما يصل إلى وسائل الإعلام من قصص الابتزاز وضحاياه إنما هو غيض من فيض، وأن ما خفي كان أعظم وأن ما يتخذ من إجراءات ما هو إلا معالجة لنتائج دون معالجة الأسباب !!