-A +A
محمد بن علي الهرفي
العيد كما نعرفه موسم للفرح ــ بكل أنواعه ــ ولكل الناس، وكل يحتفل بالطريقة التي تسعده وتسعد من حوله، وهذا حق لكل فرد.
والعيد ــ كما نعرف ــ يأتي بعد أداء المسلمين لركن من أركان دينهم ــ الصيام ــ فهو احتفال وفرح بأداء هذه العبادة التي يأمل كل مسلم أن يكون الله قد تقبلها وأثابه عليها، وهكذا يكون عيد الأضحى لأنه ــ أيضا ــ بعد أداء المسلم للركن الخامس من أركان الإسلام ــ الحج ــ ومن أجل ذلك يجب أن تكون أفراحنا منسجمة مع أسبابها كما هي منسجمة في الوقت نفسه مع ديننا.
والعيد ــ كما أفهمه ــ ليس مجرد مظاهر تتضح في الملبس والمأكل والحفلات المتنوعة أو التهنئة به، كل ذلك جميل ومطلوب، ولكن هناك أشياء أخرى لا تقل أهمية عما أشرت إليه إن لم تكن أكثر أهمية منه ؟!
العيد فرصة لتصافي النفوس بين الأهل والأصدقاء، فليس من المعقول أن يستمر التقاطع والتخاصم بين الأهل مهما كانت الأسباب. وكذلك بين الأصدقاء والجميع قد مر بتجربة الصيام وشهر الإحسان والغفران ثم العيد والفرح به ومع هذا كله لا يستفيد الإنسان من ذلك كله من نسيان إساءة الآخرين له، والالتفاف مع الأحباب مرة أخرى.
والعيد فرصة كبيرة لجعل كل فئات المجتمع تفرح مثل غيرهم، فهناك فقراء بيننا، ومرضى يلازمون بيوتهم أو أسرتهم، وأسر في غاية الحاجة لمن يرعاهم خاصة إذا كان عائلهم ليس بجانبهم لسبب أو لآخر فهؤلاء ــ جميعا ــ لهم حق علينا، وحقهم أن ندخل السرور على أنفسهم في هذا العيد، بل وفي كل مناسبة أخرى.
نزور المرضى في بيوتهم ومستشفياتهم، ونقدم لهم كل مساعدة نستطيعها، ولعلنا ونحن نحتفل بالعيد نتذكر أن من حق مرضانا أن نقدم لهم مساعدات دائمة ــ خاصة من أغنيائنا ــ فهناك مرضى السرطان والكلى وأمراض مزمنة غيرها يعاني منها آلاف من إخواننا، وهذه فرصة لكي نسهم بشيء من العطاء نخفف به بعض مآسيهم.
وهناك فقراء وعاطلون عن العمل يحتاجون مساعدات ــ كل بحسبه ــ ولعل أفراحنا لا تنسينا هؤلاء، وهم جزء منا من حقهم مشاركتنا أفراحنا.
ومن لوازم العيد الحقيقية أن نتعلم الابتعاد عن الغلو والتطرف في كل شيء، وأن نبني جسورا من الود والتسامح مع الجميع فنحن أبناء بلد واحد ومصير واحد، وكلنا في سفينة واحدة، فلنعمل جميعا على حمايتها من الغرق أو العطب. وإذا كان في نفوسنا غل فلنوجهه لمن يسيء إلينا جميعا أو يحتل جزءا من بلاد المسلمين لأنه يستحق ذلك.
في اليوم الثاني من أيام العيد قد يحتفل قس أمريكي حاقد بحرق المصحف الشريف تعبيرا عن كراهيته للإسلام، والقانون الأمريكي ــ كما يقولون ــ لا يستطيع منعه من ذلك ؟
أعرف أنهم لو أرادوا منعه لفعلوا.. ولكن ردة فعلنا ــ أعني المسلمين جميعا ــ يجب أن تكون حكيمة وفعالة وإيجابية.. الشتائم لن تفعل شيئا.. والأفعال الغوغائية مثل ذلك.. وهنا يأتي دور العقلاء وكذلك دور الدول الإسلامية لتقدم عملا فاعلا لهذا الدين العظيم لكي يفهمه الكل على حقيقته، وعندها لن يجد ذلك القس الحاقد ما يقوله، ولن يجد من يصفق له على قلة من يفعل ذلك.
وأفراحنا في عيدنا يجب أن لا تنسينا أن مسجدنا الأقصى في خطر وأنه معرض للإزالة، وأن القدس كلها في خطر، وكل مسلم مسؤول عن تقديم ما يستطيعه لحماية مقدساته.
العيد موسم للفرح فلنفرح، ولنفرح كل من حولنا، ولكل واحد من أحبائي أقول:
هنيئا لك العيد الذي أنت عيده
وبورك في أيامكم واللياليا
ودائما أنتم بخير.
* أكاديمي وكاتب سعودي


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة