-A +A
علي الرباعي (الباحة) okaz_online@
• كيف يكون الاستعداد لشهر رمضان؟

•• رمضان أحد مواقيت العام، ننزل على ضفافه كل عام، لنتأمل سيولة الوقت المتدفق، وسرعة جريانه، ومن ثم نشهق دهشة وتعجباً لالتفاف العام سريعا وحضوره برفقة رمضان، دون أن يلتفت لجداولنا، أو يبالي بترتيباتنا الشخصية.


•ما أوّل رمضان صمته وكم كان عمرك؟

• لم يندرج رمضان لدي ضمن الأقفاص التي يصنعها الكبار لتحجب المباهج، بل على العكس وجدته بوابة براقة ألج عبرها لعالم الكبار، وأتعلق بأهداب امتيازاتهم، و لم يكن الأمر بهذه السهولة، فإضافة إلى الجوع والعطش، كنت ألمح نظرات الاستخفاف في الوجوه، وإن صيامنا كأطفال هو مثل صيام الديك والدجاجة، أنقذتني أمي من خيبتي عندما بدأت تقسم لي صيامي وتمده يوما إثر الآخر بحسب ساعات النهار كي أستطيع في نهاية الشهر أن أصل إلى المغرب، والحصول على امتياز الجلوس كفرد محتفٍ به حول سفرة تحفها الأهلة والنجوم، ونقوم عنها عادة بلا نياشين أو ميداليات، عدا مزاج عائلي ودود حميم، وشوارب صغيرة حمراء بفعل تجرع أكواب متعددة من شراب التوت.

• ماذا فقدت من رمضان الماضي، وماذا تحتاجين في رمضان الحالي؟

••رمضان الماضي كان خلوة نورانية، جعله الحجر الصحي متحرراً من قوائم الالتزامات الرمضانية المتطلبة، أما هذا العام فعادة لا أملي على الوقت شروطي بل أستقبله بحياد مترقب لسلته التي سيعلقها فوق فضاءات سمائي.

• ملمح عالق في ذاكرتك من أولى سنوات الصيام؟

•• رمضان عندما دخل أبي علينا وصوته متهدج بالفرحات، وفي حنجرته تصهل كتيبة فرسان، ليخبرنا بأن أبطال الجنود المصريين عبروا خط بارليف عام 1973.

• إلى ماذا يأخذك الحنين في رمضان؟

• إلى تلك اللحظة الجليلة الساكنة التي تهبط على المدينة قبيل أذان المغرب، حيث تتحول المدينة إلى أذن عملاقة منصتة، بينما تحفنا رائحة هيل القهوة والبخور المضفورة بالتسابيح والتهاليل، وأعيننا تسترق النظر إلى مباهج المائدة الرمضانية.

• في عامها الثاني هل غيرت الجائحة نكهة رمضان؟

•• حاولت... ولم تستطع....

• عادة رمضانية تخليت عنها؟

•• هي في الحقيقة تخلت عني... فقد كانت لي عادة لازمتني منذ سنوات الصبا، دوما بعد السحور أتأمل النجوم إلى أن تذوب في حليب الصباح، ولكن الآن باتت ستائر النوم تقصيني عن هذا المشهد المهيب.

• طبق رمضاني لا يغيب عن مائدتك؟

•• قمر الدين، فمع أول رشفة أجد شجرة مشمش انسكبت في كأسي.

• هل أضحت الاجتماعات الرمضانية من الماضي؟

•• أبدا... بل ما برحت موجودة نختلسها ضمن المتاح والمباح.

• لو أسقطنا العام الماضي من سجلات حياتنا.. هل هناك سنون أخرى تودين أن لا تحسب من عمرك؟

•• كل سنة تمر بمرارها وأنوارها، وفي نهايتها تضع في أكفنا حلوى الحكمة وتغادر.

• هل تكيّفت مع الجائحة، وماذا لو استمرت؟

•• أنا لم أحتج للتكيف؛ فنمط العيش الحذر من العالم الخارجي، وملازمة المنزل، هو نمط عيش شريحة واسعة من النساء في مجتمعنا... بالإضافة إلى طبعي (البيتوتي) الذي يميل لملازمة المنزل، فعبر السنين دربت ملكة اكتشاف مباهج منزلي ومفاجأته الكامنة في الزوايا فوق الأرفف، وبين الصفحات.

• هل تتابعين التلفزيون، أم أنه لم يعد هناك ما يغريك؟

•• التلفاز يظل حاضرا كفرد من العائلة على مائدة الإفطار، بحكم العادة والأنس به كخلفية، لكن المنجز الدرامي المقدم شحيح.. فأشاح الناس عنه، واستعاضوا عنه بالبرامج التثقيفية والوثائقية.

• ما أثر وقع كلمة «عن بعد» على سمعك؟

•• إذا عرفت بأنني من جيل (عن بعد) حيث نلت شهادتي الجامعية عبر الدائرة التلفازية المغلقة عن بعد... وكنت أكتشف العالم حولي عبر فوهة الهاتف عن بعد... وكتبت عشرات المقالات في صحيفة لم أخطُ داخلها بل (عن بعد) بعد هذا كله فلن أجد في كلمة (عن بعد) أي جور أو غرابة.

• أول شيء ستفعلينه بعد العودة لحياتنا الطبيعية دون كمامات؟

•• سأزور إيطاليا، تحديدا روما... فهي المدينة التي تستحث كل كوامن الجمال والفنون...

تنطلق الروائية أميمة الخميس، من إرث مكتظ بالمعارف والآداب، لتغدو الثقافة تميمة ذاكرة، استوعبت معطيات أمكنة وأزمنة، وشيّدت بالوعي جسور مودة مع القراءة والكتابة، وورِثت من شخصية أبيها المؤرخ الجغرافي الأديب عبدالله بن خميس رحمه الله، عشق اليمامة، والحجاز، وجبال بلادنا وأوديتها التي جاءت إليها قبل أن تقف بنفسها عليها، وتفتتن بسهولها ومياهها، ولطيف مناخها، وتتكيف مع تضاريسها، ما انعكس على كتابتها، وشخصيتها التصالحية، وهنا نص مسامرة رمضانية مع كاتبة (مسرى الغرانيق):