-A +A
رياض منصور (بغداد) riyadmansour@
تنتظر طهران موقفا سلبيا واحدا يتخذه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يمس إيران أو وكلاءها حتى لو كان بدون قصد لتعمل على إسقاطه وحكومته كما جرت العادة الإيرانية في العراق، فسياسة ما يسمى «ولاية الفقيه» حاسمة في هذا الأمر. الوضع مع العراق لا يمكنه أن يكون إلا معقداً ودمويا دوماً، فربما لم تكن هناك أي مشكلة تحير صناع السياسة في الولايات المتحدة، على امتداد 4 إدارات، في نهجهم تجاه العراق أكثر من مواجهة دور إيران والقوى الوكيلة لها التي أقامتها على الأرض العراقية وسواء كانت واشنطن تستخدم أدوات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، فلطالما شعرت بخيبة أمل من قدرتها على تقويض النهج الإيراني المفترس والمزعزع لاستقرار في العراق.

ولأن السيطرة الإيرانية باتت مطلقة في العراق انتفض العراقيون لحماية بلدهم وهو الذي اعتبرته طهران ووكلاؤها انقطاعاً في هلالهم ما دفعهم لاتخاذ قرارات ثمنها كبير ولا يريدها العراقيون ويرفضونها كما يرفضون المليشيات، حيث يتخوف الناشطون من جر بلدهم إلى حرب أهلية تشبه الحرب التي ساهموا بإشعالها في سورية.


وأعدت إيران ووكلاؤها خطة محكمة للقضاء على الثورة الشعبية فبدأ قمع المحتجين بالقتل والاغتيال والاعتقال، ووصل الأمر إلى نشر آلاف المرتزقة من عناصر حزب الله والحرس الثوري في مناطق مختلفة. ما يجري في العراق الآن ربما تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية الكاملة عنه؛ ففي 2003 وعند احتلال العراق أطلقت الحكومة ومراكز الأبحاث والإعلام الأمريكية مصطلح حكم الأغلبية الشيعية وصممت النظام الحكم الديمقراطي فيه على هذا الأساس، وعملت السلطة في العراق على تعزيز ذلك وساعدت بتكوين هذا المفهوم بشكل واقعي وتام من خلال الحرب الأهلية التي وقعت بعد 2006 وحتى 2016 من خلال التغيير الديمغرافي الذي حدث لأغلب مناطق العراق منه وإليه. فهجرة السنة من بغداد ومحيطها ومن شمال ووسط وجنوب العراق بشكل منهجي ومخطط، قابله نزوح أسر شيعية كاملة لتحل محل تلك الأسر المغادرة، وجاءت من شيعة باكستان وأفغانستان والهند وإيران، إضافة إلى استيطانهم قرب المراقد في كربلاء والنجف وسامراء وبغداد.

ولم يكن هذا التغيير الديمغرافي سببه الهجرة فقط بل عمليات الإبادة التي ارتكبها وكلاء إيران بحق العرب السنة عندما قاموا بارتكاب جرائم إنسانية ضد السنة ومارسوا أشنع الانتهاكات والجرائم الدموية ضدهم وقاموا فقط في قضاء المقدادية بتهجير 300 ألف نسمة من السنة وتوطين إيرانيين بدلا عنهم، حيث استقر في هذا القضاء نحو 100 ألف إيراني.

وضمنت طهران من خلال الوكلاء التغيير الديمغرافي في العراق هو في تغير طبيعة الإرهاب الطائفي من حيث تجاوز الإرهابيين حدودهم الوطنية، وتأسيس جماعات راديكالية أخرى تحت مسمى المليشيات أو الحشد الشعبي، واحتضانهم الحركات المنشقة المختلفة المنتشرة في العالم الإسلامي وبتخوف من تمدد «الآيديولوجية الطائفية لولاية الفقيه».