إبراهيم البليهي
إبراهيم البليهي
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
أبدى المفكر السعودي إبراهيم البليهي تحفّظه على من يدّعي أنه فهم طرحه واستوعب مقولاته. وأوضح لـ«عكاظ» إثر تكريمه في منتدى الثلاثاء في المنطقة الشرقية أن كل فرد من الناس عالَمٌ مختلفٌ عن كل الآخرين؛ وأي باحث يريد تقييم عمل فكري لآخر يتحدث عن فهمه لفكر هذا الآخر؛ وليس عن فكر الآخر كما أنتجه فعلا وكما يحاول إيصاله لغيره.

وأكد البليهي أن الفلاسفة والمفكرين سبحوا ضد التيار، وكان الناس لهم أعداء. وجرّد البليهي المجتمعات من العظمة وقال إن المفكرين هم العظماء لأنهم حفّزوا على التفكير فحدث التغيير، وأضاف: لا أعد قارئاً قلّب صفحات كتبي سريعاً ولقط من هنا مقولة ومن هنا فكرة منتجاً لمعرفة وإنما معبّراً عن وجهة نظره ولا يعني أنه فهمني كونه من الصعب أن يفهم الفيلسوف والمفكر من لم يكن عميق النظر والاستنتاج. مشيراً إلى أن الفلاسفة عانوا معضلة عدم الفهم؛ وأكد هيجل في آخر حياته أنه لم يفهم فلسفته سوى شخص واحد، ثم تدارك وقال حتى هذا الواحد لم يفهمها. واستطرد قائلا: كما نبه «شوبنهاور» في مستهل كتابه (العالم: إرادةً وتصوُّرًا) إلى أنه من أجل إبلاغ فكرة واحدة يمكن أن أُعَبر عنها بكلمات معدودة لكني مضطر أن أشرحها في مجلد ومع ذلك لن يفهمها أحد، ومن هنا جاءت نظرية موت المؤلف كون الناس يتبادلون المعلومات لكن كل شخص يفسرها حسب اهتماماته ومواقفه وآرائه. وضرب أمثلة بمدارس واتجاهات علم النفس المتعددة؛ وذات الاختلافات الحادة الناتجة عن اختلاف في تفسير المعلومات لا المعلومات ذاتها، وقال المعلومات تملأ رفوف المكتبات ومن السهل تبادلها إلا أن كلا منهم سيفهمها حسب أنماطه الذهنية والوجدانية المختلفة عن أنماط كل الآخرين؛ مؤكداً أن الأفكار لا يمكن تبادلها كما هي بل يتلقاها كل قارئ بشكل مختلف عن غيره. وعدّ الإشكال أن الناس سواء المتلقين أو الذين يتلقون قراءة هؤلاء المتلقين لا يضعون ذلك باعتبارهم، ويرى أن المعضلة ليست في تبسيط المصطلحات أو غيرها بل المعضلة أزلية وبشرية عامة تكمن في طبيعة دماغ الإنسان؛ وكون كل فرد له أنماط ذهنية ووجدانية مختلفة عن كل الآخرين، ولم يخف أنه تحايل على القراء بتمرير فسلفته «علم الجهل» من خلال نسبتها إلى سقراط.