-A +A
أريج الجهني
«الهلال يكبرك» لو لم يقل محمد بن فيصل سوى هذه العبارة في تاريخه الهلالي لكفته، فالهلال فريق الكبار والذي يعادل جمهوره جماهير ثلاثة فرق مجتمعة، تاريخ رياضي ممتد سواء كنت من محبي الهلال كمشجع رياضي متخصص أو كمحب للهلال كجزء وامتداد لمجتمعك فأنت تعلم جيدا حجم هذا الفريق وقوته، بالتأكيد أنا مع الفئة الثانية فلست ناقدة فنية ولا متخصصة إنما دعمي واهتمامي بفريق الهلال كجانب مجتمعي وأيضا كمتابعة لهذا الفريق الذي يصر أن يبهر جمهوره رغم كل الصعوبات والمعوقات، خاصة في الموسم الأخير.

لكن بموازاة هذا التشجيع والاهتمام، تشاهد مع الوقت حالات تشجيعية غريبة، والقرب من الوسط الرياضي سواء كمشجع أو كشخص متابع ومهتم لدراسة سلوك «الإنسان» يجعلك تتعجب تارة وتندهش تارة وتحزن أيضا وربما كثيرا، فالوسط الرياضي بوضعه الحالي كحقل الألغام، فأنت لا تعرف أين تقف وأين تسير، كمية الاحتقان أيضا والتعصب الأعمى يجعلك تفكر بشكل عميق هل الحالة الرياضية تفسر بأي شكل الحالة المجتمعية.


مثال بسيط، عودة عموري وقرار الإدارة وكيف ثار الجمهور وطالب الإدارة بشكل ضاغط بأهمية عودته، رغم معرفتهم بإصاباته المتتالية التي بالتأكيد أصابت جمهوره بالحزن الشديد وسبق أن كتبت عنها، لكن أجد هنا أن أكثر من عالج عودته بشكل موضوعي وواقعي هو الأستاذ صالح الطريقي والذي قال في تعليقه حول هذا القرار: «إن قرار إدارة الهلال كان قرارا صائبا وهي تقرأ المستقبل بعكس الضغوطات من الجماهير، الجماهيرعاطفية وتفكيرها قائم على الماضي»، تابعت بعد ذلك التشنج المخيف الذي يرافق ردود البعض على الأستاذ الطريقي، وأغلبها تناقش أمورا عاطفية بخلاف طرحه العقلاني والمفيد حتى لغير المتخصص.

ليس هذا فحسب، تتأمل كيف تدار الانتخابات وكيف تمارس الضغوطات بين المشجعين والتجمهر لدرجة أنك لا تعلم هل هذا هو الواقع الرياضي؟ أم أن ما خفي كان أسوأ؟ لست مهتمة بالجوانب الفنية لكن مهتمة بالجوانب الأخلاقية بالتأكيد، فالمهاترات والصراعات والحروب المعلنة وغير المعلنة لا يجب أن نتجاهلها، بالتأكيد أن الكثير في الحقل الأكاديمي يتابعون المشهد عن بعد، إما لعدم رغبتهم في خوض معارك خاسرة، وإما لعدم اهتمامهم بالانعكاسات الأخلاقية الممتدة لهذه الأمور.

كرة القدم بالتأكيد هي الساحرة التي تعبث بعقول الكبار قبل الصغار، قد لا يصرح الناس بميولهم الرياضية وربما يخافون من وضعهم في قوالب أو صناعة عداوات، لكن إلى متى؟ الذي يهمنا الآن أن استقرار الوسط الرياضي قضية مهمة، وليست أمر عبثيا، لهذا مهم الاستماع للأصوات المتخصصة وأيضا مشاركة الشباب والفتيات في المشهد، وأعني في الارتقاء بالحضور الذهني والمادي، إن ازدهار كرة القدم السعودية بالمجمل أمر ملموس لكن مهم أن يرافقه ازدهار أخلاقي وحضور راق لجميع المشجعين، التشجيع الحقيقي أن تنتقد دون أن تنتقص الآخرين أو تقلل من نجاحاتهم، إن لم تكن الرياضة ركيزة الرقي فماذا سيكون سواها!؟ لا شيء.

* كاتبة سعودية

Areejaljahani@gmail.com