حينما نقرأ أي عنوان لقضايا اجتماعية وتصنف بـ«ثلاثية» يقفز دائما في الأذهان الثلاثية النمطية وهي «الفقر والجهل والصحة»، وهي بالتأكيد ثلاثية اجتماعية ضرورية للمعالجة بل لا تستقيم المجتمعات بدون برامج طويلة المدى لمعالجتها، إلا أنها قد تكون بريئة في بعض الحالات من تهمة الإرهاب فهو أعلى درجات الشر والحرب على السلم المجتمعي، ولا يصل الفرد لمرحلة الإرهاب إلا بالثلاثية التي أزعم بأنها الشر الحقيقي في نفوس هؤلاء المجرمين حول العالم، فالثلاثية التي أرمي إليها هي «الانتماء والحقوق والحريات»، نعم، فالعقل الإرهابي يكفر بالوطن ويكفر الحقوق المدنية ويلعن الحريات التي تجرده سلطته الدنيئة على نفوس البشر وكرامتهم وعقولهم.
قرأت عددا من الملفات التي أيدت عدم وجود رابط حقيقي بين «الإرهاب» والفقر كذلك الجهل، وإن كان الفقر يتقاطع بالتأكيد مع مفهوم الانتماء إلا أن قياس هذه الأبعاد يحتاج دراسة علمية ممتدة تبدأ من عام ٢٠٢٠ لعام ٢٠٣٠ وأنا هنا أدعو الجامعات والمراكز البحثية لتبني دراسات اجتماعية ممتدة لدراسة محور الهوية والانتماء بشكل متعمق وبمنهجيات نوعية متخصصة، وبالمجمل عندما نتحدث عن الانتماء كمحور رئيسي في الإرهاب، سنصل مباشرة لمفهوم الهوية، وهكذا سنفهم أن تشكل الهوية الإرهابية أمر طارئ على المجتمعات البشرية ومصطنع وقابل للمعالجة والتفكيك إن كانت هناك عقول جادة لفهم هذه الحالة.
كدول عربية نحن نعتمد كثيرا على الذاكرة في فهم هويتنا، فجزء كبير منها ممتد من هذه الذاكرة، وجزء منها موثق في التاريخ، إلا أن فلسفة الانتماء بالمجمل تحتاج إلى تحريك ملفات على أعلى المستويات، سأركز هنا على الوطن، خاصة بعد خروجنا بفضل الله ثم بفضل رجال الأمن البواسل من براثن خلايا إرهابية لو تأملنا بشكل عاجل أهدافهم لوجدنا أن نهضة الوطن وغضبهم من الصعود المستمر جعلهم في حالة هلع، هؤلاء المجرمون لم يغضبهم الفقر ولا يعنيهم أن يجروا بلادهم للويلات فهم بلا انتماء وبلا فكر، مسيرون خلف أجندات معلنة ضد هذا الوطن هدفها عرقلة الخطى وترويع الآمنين.
تعزيز الانتماء وثقافة الحقوق ودعم الحريات في السنوات الخمس الأخيرة الذي قادته الدولة، جعلت الأعداء في حالة سعار، بل حتى المنظمات الدولية التي تتغنى بالحقوق يصابون بالصمم أمام هذه الإصلاحات ويستميتون للتشكيك بأي إنجاز وطني حقوقي على وجه التحديد، إن أول ما تقوم به هذه الجماعات المتطرفة لتجنيد الناس وتسييرهم هو استلاب هويتهم وإسقاطهم في صندوق الظلم وإلباسهم ثياب الضحايا وما أكثر الضحايا بثياب المجرمين!، من هنا تأتي خطورة الوعي الذاتي والوعي الجمعي فعندما ينخفض الوعي الذاتي تصبح الذات ذائبة ومنشطرة بين الذوات الأخرى، مما يعني وجود ثغرات تسمح بغسيل أدمغة هؤلاء وتجييشهم ضد أنفسهم أولا وضد أوطانهم.
السؤال الذي أعيد طرحه بشكل مستمر، ماذا تنتظر وزارة التعليم لتحديث وثيقة التعليم التي نصت في فقراتها على الجهاد ومفاهيم الإخوان المقيتة ومنهجياتهم الإرهابية، وسبق أن ناقشتها بشكل مفصل، ماذا تنتظر هذه الجهات الحكومية التي تكتفي بمتابعة الأزمة لا منع حدوثها، مهمة التعليم الأساسية الآن إعلان وثيقة وطنية سعودية تجعل المواطن السعودي محورها، سمعنا عددا من الخطط والتصريحات لكن بقيت الملفات القاتمة خاملة، بل الأهم هل سنرى تعاون رسمي بين هذه الوزارة ووزارة الداخلية ووزارة العدل؟ لصياغة وثائق تتضمن قوانين الأحوال الشخصية وتنشأة السعودي بهوية سعودية واجتماعية ومهنية بشكل تنافسي ومتقدم، بعيدا عن منهجية «على البركة» هؤلاء الأجيال ثروة، العالم يتربصون بهم لتحريكهم ضد أوطانهم أليس من الأولى أن تتحرك الجهات الحكومية وتبني علاقة وطيدة معهم؟
تبقى نقطة الوعي بالحقوق والحريات، وهي من أكثر الأمور التي جعلت صراخ الخلايا الإرهابية في ازدياد فشاهدنا كيف هاجموا الوعي النسوي وكيف حاربوا المشاريع الترفيهية والثقافية، فهذه التغييرات تجعل المواطنين ينخرطون في أنشطة مختلفة بالتالي لن يجدوا من يروجون لهم بضاعتهم!، إن الحرب على حقوق المرأة بالتحديد أوضح مثال على تجذر الإرهاب في عقول رافضي الحقوق والقوانين، بل لا أفهم لماذا تم تشويه وتشنيع مفردة القانون طوال الخمسين عاما الماضية؟ رغم أنه موجود، بل لم تكن تخلُ صولاتهم وجولاتهم من الانتقاص للوعي والقوانين ووصف الأفكار التنويرية بالأفكار المنحرفة والحط من العقل البشري واستنتاجاته، هكذا أفهم الإرهاب، فالإرهابي معضلته الأولى هو عقلك، طالما أنك تستخدم عقلك فأنت تدحره وترده خائبا.
أخيرا، لا مزيد من المجاملات ولا مزيد من الفرص، سلامة الوطن وأمنه ومواطنيه عقيدة وفريضة على كل من حظي بالعيش في هذا الوطن العظيم، لا تسلموا عقولكم ولا تجنحوا لعواطفكم، ولا تأخذكم في محبة وطنكم لومة لائم، وتذكروا أن الوعي بالذات منطلق مما نظنه عن أنفسنا بأنفسنا وهو «ما نراه نحن عنا نحن»، طالما أنك ترى نفسك كمواطن سعودي، منتج ومواطن جدير ستنطلق دون أن تسمح للآخرين بتحجيمك أو تسييرك، اجعل رؤيتك تتسق مع رؤية وطنك، وليكن منهجك دائما «الصعود من القمة» لأن هذا هو طريقنا.
* كاتبة سعودية
قرأت عددا من الملفات التي أيدت عدم وجود رابط حقيقي بين «الإرهاب» والفقر كذلك الجهل، وإن كان الفقر يتقاطع بالتأكيد مع مفهوم الانتماء إلا أن قياس هذه الأبعاد يحتاج دراسة علمية ممتدة تبدأ من عام ٢٠٢٠ لعام ٢٠٣٠ وأنا هنا أدعو الجامعات والمراكز البحثية لتبني دراسات اجتماعية ممتدة لدراسة محور الهوية والانتماء بشكل متعمق وبمنهجيات نوعية متخصصة، وبالمجمل عندما نتحدث عن الانتماء كمحور رئيسي في الإرهاب، سنصل مباشرة لمفهوم الهوية، وهكذا سنفهم أن تشكل الهوية الإرهابية أمر طارئ على المجتمعات البشرية ومصطنع وقابل للمعالجة والتفكيك إن كانت هناك عقول جادة لفهم هذه الحالة.
كدول عربية نحن نعتمد كثيرا على الذاكرة في فهم هويتنا، فجزء كبير منها ممتد من هذه الذاكرة، وجزء منها موثق في التاريخ، إلا أن فلسفة الانتماء بالمجمل تحتاج إلى تحريك ملفات على أعلى المستويات، سأركز هنا على الوطن، خاصة بعد خروجنا بفضل الله ثم بفضل رجال الأمن البواسل من براثن خلايا إرهابية لو تأملنا بشكل عاجل أهدافهم لوجدنا أن نهضة الوطن وغضبهم من الصعود المستمر جعلهم في حالة هلع، هؤلاء المجرمون لم يغضبهم الفقر ولا يعنيهم أن يجروا بلادهم للويلات فهم بلا انتماء وبلا فكر، مسيرون خلف أجندات معلنة ضد هذا الوطن هدفها عرقلة الخطى وترويع الآمنين.
تعزيز الانتماء وثقافة الحقوق ودعم الحريات في السنوات الخمس الأخيرة الذي قادته الدولة، جعلت الأعداء في حالة سعار، بل حتى المنظمات الدولية التي تتغنى بالحقوق يصابون بالصمم أمام هذه الإصلاحات ويستميتون للتشكيك بأي إنجاز وطني حقوقي على وجه التحديد، إن أول ما تقوم به هذه الجماعات المتطرفة لتجنيد الناس وتسييرهم هو استلاب هويتهم وإسقاطهم في صندوق الظلم وإلباسهم ثياب الضحايا وما أكثر الضحايا بثياب المجرمين!، من هنا تأتي خطورة الوعي الذاتي والوعي الجمعي فعندما ينخفض الوعي الذاتي تصبح الذات ذائبة ومنشطرة بين الذوات الأخرى، مما يعني وجود ثغرات تسمح بغسيل أدمغة هؤلاء وتجييشهم ضد أنفسهم أولا وضد أوطانهم.
السؤال الذي أعيد طرحه بشكل مستمر، ماذا تنتظر وزارة التعليم لتحديث وثيقة التعليم التي نصت في فقراتها على الجهاد ومفاهيم الإخوان المقيتة ومنهجياتهم الإرهابية، وسبق أن ناقشتها بشكل مفصل، ماذا تنتظر هذه الجهات الحكومية التي تكتفي بمتابعة الأزمة لا منع حدوثها، مهمة التعليم الأساسية الآن إعلان وثيقة وطنية سعودية تجعل المواطن السعودي محورها، سمعنا عددا من الخطط والتصريحات لكن بقيت الملفات القاتمة خاملة، بل الأهم هل سنرى تعاون رسمي بين هذه الوزارة ووزارة الداخلية ووزارة العدل؟ لصياغة وثائق تتضمن قوانين الأحوال الشخصية وتنشأة السعودي بهوية سعودية واجتماعية ومهنية بشكل تنافسي ومتقدم، بعيدا عن منهجية «على البركة» هؤلاء الأجيال ثروة، العالم يتربصون بهم لتحريكهم ضد أوطانهم أليس من الأولى أن تتحرك الجهات الحكومية وتبني علاقة وطيدة معهم؟
تبقى نقطة الوعي بالحقوق والحريات، وهي من أكثر الأمور التي جعلت صراخ الخلايا الإرهابية في ازدياد فشاهدنا كيف هاجموا الوعي النسوي وكيف حاربوا المشاريع الترفيهية والثقافية، فهذه التغييرات تجعل المواطنين ينخرطون في أنشطة مختلفة بالتالي لن يجدوا من يروجون لهم بضاعتهم!، إن الحرب على حقوق المرأة بالتحديد أوضح مثال على تجذر الإرهاب في عقول رافضي الحقوق والقوانين، بل لا أفهم لماذا تم تشويه وتشنيع مفردة القانون طوال الخمسين عاما الماضية؟ رغم أنه موجود، بل لم تكن تخلُ صولاتهم وجولاتهم من الانتقاص للوعي والقوانين ووصف الأفكار التنويرية بالأفكار المنحرفة والحط من العقل البشري واستنتاجاته، هكذا أفهم الإرهاب، فالإرهابي معضلته الأولى هو عقلك، طالما أنك تستخدم عقلك فأنت تدحره وترده خائبا.
أخيرا، لا مزيد من المجاملات ولا مزيد من الفرص، سلامة الوطن وأمنه ومواطنيه عقيدة وفريضة على كل من حظي بالعيش في هذا الوطن العظيم، لا تسلموا عقولكم ولا تجنحوا لعواطفكم، ولا تأخذكم في محبة وطنكم لومة لائم، وتذكروا أن الوعي بالذات منطلق مما نظنه عن أنفسنا بأنفسنا وهو «ما نراه نحن عنا نحن»، طالما أنك ترى نفسك كمواطن سعودي، منتج ومواطن جدير ستنطلق دون أن تسمح للآخرين بتحجيمك أو تسييرك، اجعل رؤيتك تتسق مع رؤية وطنك، وليكن منهجك دائما «الصعود من القمة» لأن هذا هو طريقنا.
* كاتبة سعودية