-A +A
محمد العرب
طوال الأسبوعين الماضيين كانت صعدة مسرحا مفتوحا للتحالف والشرعية لتنفيذ عدد من الالتفافات العسكرية المهمة في مديريات كتاف وباقم وقطابر ومران، وفي لغة التكتيك العسكري المبسطة للفهم العام يمكن اعتبار (استدراج) أو (توريط) الخصم في معارك جانبية لاستنزاف الموارد وإرهاق المعنويات والتي تؤدي لكسر عزمه وتفكيك تماسكه هو أسلوب القادة الكبار، وهذا ما حدث حيث نفذ التحالف وجنود المنطقة العسكرية السادسة التفافا واسعا حول «المليل» وهي سلسلة جبلية مهمة في مديرية كتاف بمحافظة صعدة شمالي اليمن، وأسفر الهجوم عن مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيا، وتدمير آليات تابعة لها وأسر قائد المجاميع الانقلابية المدعو يحيى محمد حسن الحمزي ومرافقيه، الالتفاف كان الأوسع منذ انطلاق العاصفة حيث بلغ قطره أكثر من أربعين كيلومترا من الأراضي المفتوحة وتم بإشراف قيادة سعودية يمنية..

الانتصار الثاني هو أسلوب التطويق وحدث في مديرية باقم حيث تم عزل المديرية كليا عن مديرية مجز وباقي جغرافيا محافظة صعدة بعد هجوم مباغت تحت جنح الظلام استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة الأرضية بينما تكفلت الأباتشي بتوفير غطاء ناري من الجو والهجوم أسفر عن مقتل أبو نصر المتوكل قائد ما يعرف بكتيبة الموت الحوثية بضربة جوية، وبهذا تكون المليشيات المتواجدة على تخوم باقم بلا رأس.


نفس التكتيك استخدم في مديرية برط العنان المتاخمة لصعدة وأسفر عن تدمير مخازن للأسلحة وأسر القيادي الحوثي علي الشامي، ومن المعروف أن تكتيك الالتفاف المباغت أحد التكتيكات العسكرية التي لا ينفذها إلا الجيوش العريقة المدربة وهي بالمناسبة أسلوب عربي منذ القدم يسمى بالإغارة وهو نوع من الكر والفر، واشتهرت القبائل العربية باستخدام هذه الإستراتيجية قبل الإسلام وبعده، ويبدو أن حنكة القادة الميدانيين في التحالف والشرعية دفعهم لمجاراة المليشيات بنفس أسلوبها القتالي (حرب عصابات) وهو ما أسفر نتائج كبيرة، تطور الأسلوب القتالي للقيادات الميدانية في تحالف الشرعية أصبح مُلفتا للنظر وخارجا عن السياقات العالمية لتطبيق الخطط العسكرية، يمكن القول إنها بصمة عربية خالصة تمتزج فيها عناصر المفاجأة والردع الاستباقي والالتفاف بغرض التطويق والحصار وقطع خطوط الإمداد.

لمحة

تخوض قبائل حجور في محافظة حجة والمناهضة للانقلاب معارك مختلفة في سياق تصديها الأسطوري لوحشية المليشيات المستميتة لتحقيق نصر ينعش أفرادها الذين تتقاسمهم الخيبات والانتكاسات لكنها كما يبدو اختارت المكان الخطأ، حيث تم كسر الهجوم المليشياوي، كما أن إسراع التحالف في دعم القبائل المنتفضة جوا جعل من قبائل حجور تحقق الانتصار تلو الآخر، ويرجح المراقبون أن تكون انتفاضة حجور سنة حسنة تتبعها باقي القبائل.

* كاتب وإعلامي خليجي

malarab1@