محمود المدني محام
محمود المدني محام
-A +A
مـحـامـي د. محمود حمزة المدني Almadani_m@
رأينا الحروب العسكرية والجرثومية والإلكترونية، لكن هناك حربا جديدة من نوع آخر: وهي حرب يتراشق أطرافها بالمصطلحات والتصنيفات من خلال قذائف عنصرية وصواريخ طائفية وقنابل عصبية.

تفتك المصطلحات العنصرية بالمجتمع أكثر من فتك السلاح النووي نفسه، لأنها تدعو إلى الكره وقطع أواصر الصلة بين الناس، وتولد بينهم العداوة والبغضاء، فضلاً عن تقطيع اللحمة الوطنية بين الناس. نعم أخي العزيز، إن أسوأ ما يخرب المجتمع هو تصنيف الناس مجموعات ودوائر، فإذا كنت من دائرتي الضيقة فأنت أخي وصديقي وحبيبي (وكفاءة)، وإذا كنت من الدوائر الأخرى فتبدأ العنصرية. والسؤال المهم هنا: كيف يكون هناك تقسيمات وتصنيفات للناس إذا كان الجميع يشترك في وطن واحد ومصير واحد، ومتساوين في الحقوق والواجبات ولديهم نفس المصلحة الوطنية!؟ لا يستخدم الأسلوب العنصري إلا الشخص الفارغ، الجاهل عديم الانتماء لوطنه، بل وصاحب إيمان ضعيف، لأن عليه الصلاة والسلام يقول: «دعوها فإنها منتنة». ولكن للأسف زادت هذه المصطلحات العنصرية وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والأسوأ من ذلك كله هو أن يتناقل الأطفال تلك العنصرية عن ذويهم، بسبب تغذيتهم بتلك الأفكار وغياب التربية الحسنة. طال انتظار مشروع «نظام مكافحة العنصرية وبث الكراهية» الذي أُعلن عنه قبل سنوات عدة، وهو النظام الذي يهدف إلى المحافظة على الهوية الوطنية، وحماية النسيج الاجتماعي من مخاطر العنصرية وآثارها.


ولابد هنا من الإشارة إلى أنه لا يعني عدم وجود نظام يجرم العنصرية فإنه لا يعاقب الشخص العنصري. بل إن الشخص العنصري يتعرض إلى عقوبة قضائيـة تعزيرية رادعة، ناهيك عن مخالفة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية إذا كانت العنصرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.