-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@
لم تكن جريمة مقتل جمال خاشقجي، منذ لحظتها الأولى، إلا علكة تلقفها من تلقفها، ومضغها من مضغها، لكن للأسف لم يكن كل ما قيل وما دار سوى تسريبات، وضعت في شباك لاصطياد العامة، ممن يجهلون قواعد القانون، أو لا يعرفون دسائس الساسة، أو لا يفقهون أقوال الخبثاء.

ولأنها روايات أريد بها باطل، دست في ليل حالك، ووضعت على طاولة إعلام معادٍ، لطالما لعب أدواره تحت أنفاق تفوح منها رائحة نتنة، يعيش في رحابها خفافيش، تسترخي على عظام من تفقأ أعينهم، ممن استرقوا السمع، أو دخلوا الأوكار من غير وعي.


عاش المتربصون بالسعودية أياماً طويلة على تلك التسريبات، وظلوا يرددون صداها صباح مساء، لتبتلع أنفاقهم الخبيثة كل من يقترب منهم، ليخلطوا عليهم أصوات الحق، فما عادوا يفرقون بين صياح الديوك وعواء الذئاب.

لكن صوت الفجر يظل أقوى في إزاحة وشطب لوحة الظلام، وإن ظلت لساعات، وضوء الحقيقة يشيع، وإن انتظر لساعات، لذا جاء بيان النيابة العامة السعودية حول نتائج التحقيقات، في وضح النهار، بصوت جهوري «حي على الحقيقة»، بلا أنفاق، أو غرف مظلمة، أو أرضية هشة.

كانت الحقائق واضحة، فالمتهمون باختلاف أدوارهم، وتنوع مهماتهم، خضعوا لتحقيقات، في قضية جنائية بنسبة 100% في أبعاد مترامية الأطراف، والاتهامات تحتاج قرائن وأدلة، والدعوى تتطلب تدقيقا وتمحيصا، ومدة زمنية، كي لا يسقط بريء في بئر الاتهامات، ولا يساق مظلوم بجرم ظالم.

جاءت النيابة العامة، بأدلة الحق دامغة، ونتائج الحقيقة واضحة، في يوم علت فيه الشمس في السماء لتصل ذروتها، فلا يجرؤ أحد أن يُغيِّبَ ضوءَها، إلا أن فئة مطموسة أعينها، اندست أو اختبأت، فلا ترى للشمس ضوءا، ولا تعرف للرعد صوتا.

ويبقى السؤال لكل صاحب لُب: إذا كانت كتاباتهم تسريبات، لا يجرؤ كتابها على مواجهة أحد، فهل تتساوى تلك الخربشات مع أدلة وقرائن واعترافات، أعلنها منبر «النيابة» أمام العالم تحت ضوء الشمس؟.