-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
لدي شواهد تشير إلى أن حماية المستهلك التي انتعشت وعاشت في نشوة وقوة إبان تولي الدكتور توفيق الربيعة حقيبة التجارة بدأت تمرض منذ توليه «الصحة»، صحيح أنه ما زالت له علاقة بالحماية بطريقة أو بأخرى، لكن حماية المستهلك فقدت شيئا من هيبتها في وقت المستهلك فيه بأمس الحاجة إلى الحماية، ثم إن الإجراءات التي تبدأ قوية ثم تبدي نعومة وضعفا تستغل، تماما مثل شخص يبدي شجاعة ثم يهرب من ساحة العراك فجأة فإن كل جبان يلاحقه وينال منه ولو بحجر.

لا أقول هذا الكلام جزافا، فقد كنت وبكل فخر أحد ٣٥ كاتبا وصحفيا وأديبا واقتصاديا وناشطا في مجال حماية المستهلك، أسسنا وبنجاح جمعية حماية المستهلك التي فقدت كثيرا من دورها في ما بعد.


ومن شواهد ضعف حماية المستهلك عودة وكلاء السيارات في العبث في أمر الصيانة، وقطع الغيار، ومدة الضمان، وماهو مشمول بالضمان وما هو خارجه، وتحميل صاحب السيارة تكاليف يفترض أنها مشمولة بالضمان!

ومن الشواهد عودة عبارات (البضاعة لا ترد ولا تستبدل) التي ألغيت يوما ما ففرحنا، واليوم أصبح البائع يتبجح بعبارة (الإرجاع ممنوع لأنها مخفضة) وهي ليست مخفضة، بل تخفيضها هو ذلك الذي أشار إليه أستاذنا حمد القاضي بأنه خصم جزء يسير من ربح فاحش يفوق ٧٠٪، كما أصبحت عبارة (الترجيع خلال يوم واحد والاستبدال خلال ثلاثة أيام) هي الرائجة وأقوى حقوق المستهلك وأكثرها منة.

لم يعد التهديد بوزارة التجارة يحرك ساكنا في التاجر ولا في الوكيل ولا في المتجر، وتكاد تسمع عبارة (أعلى ما في خيلك اركبها) إذا هددت بالمطالبة بحقوقك.

حتى أرقام بلاغات وزارة التجارة أصبحت تسمع منها عبارات انهزامية غريبة، مثل العمر الافتراضي للجهاز ثماني سنوات! مع أن ضمان بعض الأجهزة في الدعايات والإعلانات عشر سنوات!

لا أحب الأمثلة الشخصية لكن الاستشهاد بها أبلغ وأكثر مصداقية، لديّ باب كراج السيارة في منزلي، انكسر كفره البلاستيكي الصغير الذي يسهل حركته في المجرى، والسيارة بداخل الكراج وأصبح فتح الباب مستحيلا، وعلى مدى عشرة أيام كنت أتلقى وعودا من وكيله على لسان موظفين عرب غير سعوديين (أين السعودة في استقبال شكوى؟!) ثم أصبحوا يقفلون جوالاتهم، وتمكنت من الوصول إلى مديرهم بلا فائدة فهم يريدون تسويق باب جديد! ثم تواصلت مع وزارة التجارة فقيل سنحاول علما أن عمر الأبواب الافتراضي ثماني سنوات!، وكأنهم يقولون من أجل كفر بلاستيكي صغير (رح اشتر) بابا جديدا.