-A +A
طارق فدعق
ظهرت مصطلحات فنية جديدة رائعة خلال السنوات الماضية ومنها مصطلح «الهندرة» ويرمز إلى توليفة ضم كلمتي «الهندسة» زائد «الإدارة» = «الهندرة». ويعكس بشكل عام مفهوم تطبيق الدقة، والقياس في الإدارة. وأقترح هنا أن نضيف جرعات من «البكش» على مصطلح «الهندرة» لينتج مصطلح «الهمبكة» والمقصود هو «الفراخة» المقننة بالدقة، والقياس، والأسلوب العلمي. وهو من المبادئ المطبقة اليوم في أغرب الأماكن واخترت لكم التالي: عندما أقلعنا بطائرة البوينج 777 من جدة إلى الرياض، كانت جميع المقاعد محجوزة.. 341 راكباً بلطف الله، ولكن طائرتنا كانت «خفيفة» نسبيا لأن مشوارنا كان قصيراً، وكانت كمية الوقود المحمولة قليلة نسبياً، وبالتالي فلم تكن هناك حاجة لاستخدام كامل قوة دفع المحركين الجبارين. ولذا فحسب المتطلبات الفنية، قام طاقم الطائرة بوضع «كذبة بيضاء» في حاسوب الدفع الذي يوجه قوة المحركين. قاما بإدخال درجة حرارة غير صحيحة لتقليص متطلبات قوة المحركين. وتحديداً أدخلا درجة حرارة جدة وكأنها 44 درجة مئوية، بالرغم أن درجة الحرارة الفعلية كانت 34 درجة فقط. وبناء على ذلك قام الحاسوب بتقليص القوة لحماية المحركين من الحرارة الخارجية المرتفعة، «يعني يعني» أن الحرارة مرتفعة جداً. وهذا الأسلوب في التعامل مع إدارة قوة الطائرة من الممارسات القديمة التي لم تتغير بالرغم من تطورات أنظمة التحكم. وستجدها في الطائرات التجارية كانعكاس «لفراخة» مصممي أنظمة الدفع في الشركات المختلفة. ولكن هناك ما هو أغرب من هذا بكثير.. دعونا نزور عالم الطب وسنجد أن بعض الأدوية تنتمي إلى فئة «الهمبكة» في أقوى أدوارها وتسمى «بلاسيبو» على وزن «بلى وسيبو». ومعنى الكلمة اللاتينية «سأقدم لكم الراحة» أو بالأصح «سأبسطك». والموضوع باختصار أن هناك أدوية تعتمد على قوة الإيحاء للعلاج وتخفيف الآلام. تعتمد هذه الأدوية على التهيئة النفسية للمريض علماً بأنها لا تحتوي على أية مكونات صيدلانية تذكر.. ربما «رشة» سكر للتغليف، وبعض من الشمع اللامع للإقناع المريض بأنه يتناول الدواء المتعوب عليه. ومن أقوى التطبيقات في هذا المجال ستجدها في الحالات النفسية. وعالم «البلي وسبيو» أشبه بالبحر فهو يحتوى على أغرب الأسرار العميقة. وإحدى أغرب الأدلة نجدها في أحد أشهر الأدوية واسمه العلمي «دايا زيبام» ولكن العالم يعرفه باسمه التجاري وهو «الفاليوم». هذا الدواء الرهيب كان الأول في العقاقير المضادة للاكتئاب، وكان من أكثر الأدوية مبيعاً في العالم. ومفعوله كان رائعاً، ولكنه يتطلب أن يعلم المريض أنه يتناوله لتخفيف حدة حالته النفسية.. سبحان الله إن لم يعلم المريض ذلك، فلا تأثير للدواء؛ يعني العلاج الأساس بداخل جسم الإنسان. والعجيب أن كبسولات البكش أقوى تأثيراً من حبوب البكش. والكبسولات الملونة أقوى تأثيراً من البيضاء، و«شرنجة» البكش أقوى تأثيراً من حبوب وكابسولات البكش، والأجهزة الطبية الضخمة أقوى من كل ذلك.. ومعظمها همبكة في همبكة.

أمنيــــــة:


من الغرائب أننا لم نضف مصطلحات تليق بتفشي ظاهرة البكش في حياتنا. في مجتمعات الإيسكيمو في بيئتها الثلجية توجد عشرات المصطلحات لوصف الثلوج المختلفة نظراً لكثرة أنواعه، وأشكاله، وبرودته، وصلابته. أتمنى أن نضيف الكلمات اللائقة لوصف الممارسات الملتوية المتفشية اليوم بما يليق بأشكالها وألوانها المختلفة. وأخيراً: أؤكد لكم بأن مقالي هذا عن الهمبكة، ولكنه خالٍ منها، والله عز وجل يشهد على كلامي..

وهو من وراء القصد.

* كاتب سعودي