مكارم بترجي
مكارم بترجي
-A +A
مكارم صبحي بترجي
التسليم لله هو الطريقة الوحيدة للخروج من ظروف الحيـاة المأساوية التي لا حَل ولا معنى لها، وهو استجابة مُثيرة للقضية الإنسانية الكُبرى التي تنطوي في جوهرها على المعاناة التي لا بد منها، الإيمان بالله والتسليم له والاعتراف بالقَدَر يُعطي قوة وطُمأنينة جديدة، دون الإيمان بالقَدر يمتلئ المكان بالتشاؤم والانهزامية واليأس والإحباط.

الإسلام هو الدين الكامل الأوحد الذي شرعه الله لعباده ورضيه لهم، والدين الذي لا يقبل من أحد ديناً سواه ولا نجاة لأحد يوم القيامة إلا به. وروى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه، في كتاب الإيمان باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الرسل ونسخ الملل بملته، حديثاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار».


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، ومعنى رد أي مردود، فهذا الحديث من قواعد الإسلام الأساسية والتي لا غنى للمسلم عن معرفته، فكل عمل لا يوافق الشرع فهو مردود على صاحبه لا يزيده من الله تعالى إلا بعداً ولن يؤجر عليه ولا ثواب له به، فإن لم تستوعب هذا فتأمل حديث المسيء في صلاته الذي رواه البخاري ومسلم. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أساء في صلاته: «ارجع فصل فإنك لم تصل» فرجع فصلى 3 مرات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ثم علمه كيف يصلي، والشاهد من حديث المسيء في صلاته أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر صلاته التي على غير سنته كعدمها، مع أنه صلى 3 مرات لكن قال له: «ارجع فصل فإنك لم تصل»، فما أعظم هذا الحديث والذي خط لنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم قاعدة وهي أن العمل لا يكون مقبولاً عند الله تعالى ما لم يكن شرعياً موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. من العجيب حقاً أن كثيراً من الناس إذا منَعهم الطبيب مما يشتهون ويحبون بسبب مرض أصابَهم، تراهم يستجيبون ويُذعنون لتعليمات الطبيب، دون مراجعة أو اعتراضٍ، رغم شدة تعلُّقهم بما امتنعوا عنه، وفي المقابل إذا دعاهم الخالق إلى ما فيه صلاحُهم واستقامتهم، تراهم يحاولون التفلُّت من التكاليف وعدم الانقياد والتسليم لأحكام الله.

Makarem@sghgroup.net