-A +A
محمد أحمد الحساني
كانت الخطوط السعودية حتى عقود قليلة ماضية يضرب بها المثل فيما تقدمه من وجبات شهية لمن يسافر على متنها في رحلاتها الخارجية حتى بالنسبة للمسافات القصيرة التي لا يتعدى فيها زمن الرحلة أكثر من ساعتين، وكانت السعودية تزود ركاب الدرجات الثلاث بالصحف المحلية إن لم يكن جميع الصحف فمعظمها على الأقل، ولكن خطوطنا التي نعتز بها وبخدمتها تراجعت في العديد من خدماتها خلال السنوات الأخيرة، حتى أنها ألغت تزويد ركاب الدرجة السياحية بالصحف المحلية، وقلصت الوجبة إلى نصفها مع أن أسعار تذاكرها لا تقل إن لم تزد على غيرها من شركات الطيران العربية والإقليمية والعالمية، وقد استخدمت طائرات تابعة لشركات طيران مختلفة ولمسافات متباينة، فوجدت أن صحف الدول التي تنتمي إليها تلك الشركات متوفرة لركاب جميع الدرجات، وأن وجباتها تتحسن، ناهيك عن كونها تتقلص، ولو أردنا تحليل هذا التقشف أو الشح الذي دفع الخطوط السعودية لعدم توفير الصحف المحلية لركاب الدرجة السياحية، وتقليص وتدني مستوى وجباتها، لما وجدنا أن هناك ما يدفعها لمثل هذه الخطوة للأسباب التالية:

أولاً: أن قيمة النسخة الواحدة من الصحف التي تقدم لكل راكب لا تزيد على ريال أو ريالين، وأن ما يتوفر للخطوط من تقليص وجبتها لا يصل إلى عشرين ريالاً للوجبة الواحدة، وهو مبلغ زهيد قياساً بما يدفعه كل راكب ثمناً للتذكرة التي يشتريها منها ذهاباً وإياباً، ولو أضيفت أثمان الصحف، وهي كما أسلفنا ريال، على كل تذكرة لما أحسّ بها الراكب، وكذلك الأمر بالنسبة للوجبة، إلا إذا كانت هناك مبالغة من المتعهد في تسعير الوجبات، وهنا يكون الخلل في المبالغة، ويعالج بتحديد التكلفة الفعلية مع هامش ربح معقول لا بالتوجه نحو تقليص الوجبة وتخفيض مستواها، لأنها في حالة مبالغة المتعهد في سعرها ستظل مكلفة حتى لو قسمت حصة كل راكب منها على راكبين.


ثانياً: أن عدم توفير الصحف على الخطوط السعودية لجميع درجاتها الثلاث بحجة تخفيض التكاليف، وكذلك تقليص الوجبة، يؤثر سلباً على سمعة خطوطنا، وقد يجعلها تخسر العديد من ركابها، لاسيما في ظل تنافس شرس وواسع في السوق التجارية للطيران المدني، ولولا وجود مواسم الحج والعمرة واستخدام ضيوف الرحمن لها في رحلتهم الدينية المباركة لما استطاعت مواصلة مسيرتها والتوسع في برامجها، ولذلك فإن من المصلحة عدم المساس بأي خدمة تقدم لركاب السعودية، وخاصة إذا كانت بسيطة ويمكن تحميلها على ثمن التذكرة مثل ريال الصحيفة أو عدة ريالات تتحسن بها الوجبة أو تظل على مستواها السابق على أقل تقدير!