الدكتور (فليدمر كيفنت) استشاري في إدارة الأعمال الدولية، ولد في روسيا وتعلّم فيها، يقيم حالياً في نيويورك التي اتخذ منها مكاناً لإقامته، يعد من مشاهير علماء الإدارة الروس الذين تجاوزوا مرحلة الإدارة والاستشارة ليتربع على عرش الكتابة والأحاديث المتخصصة، تستضيفه العديد من الصحف والمجلات والقنوات الفضائية الأمريكية، حيث إنه يعتبر من القلائل الذين استطاعوا وصف المناخ التجاري في روسيا قبل الشيوعية وبعدها، وبشكل رشيق وساخر ومميز.. يسحبك هذا المهرِّج وهو يتحدث عن الإدارة الروسية لتكتشف فجأة أنك تعيش وتتذوق معه طعم البؤس والحرمان الذي عاشه الإنسان الروسي إبَّان الشيوعية، يحاول (كيفنت) ومنذ ذهبت الشيوعية من بلاده، أن يوجِّه وينصح المستثمر الأجنبي بالطرق المثلى للاستثمار في روسيا، ويشير إلى أنه على الرغم من أن روسيا فتحت أبوابها على مصراعيها للاستثمار الخارجي، إلا أن المستثمر الأجنبي لا بد أن يضع في اعتباره أن مشكلة المدير المتخصص المحترف ما زالت قائمة في روسيا؛ فروسيا ـ حسب رأيه ـ لديها عمالة جيدة تملك الرغبة العالية في العمل والقدرة على التنفيذ والأداء، وهي عمالة صلبة قوية تنقصها الخبرة والتدريب والحوافز، فالعامل الروسي عاش حياته كلها يركض في الصباح القارس حيث درجة الحرارة 45 تحت الصفر، يحاول اللحاق بالأتوبيس الخاص بنقل العمالة، وهذا الأتوبيس ـ حسب رأيه ـ هو الشيء الوحيد الذي يصل في موعده في روسيا.. هذا العامل يستغرق ارتداءه الملابس 40 دقيقة على الأقل ويسير في الشارع بعدها (كلعبة الأطفال المحشوة) وذلك من كمية الملابس التي يرتديها اتقاءً للبرد، حيث أماكن العمل رديئة التدفئة. ويشير (كيفنت) إلى أن السبعين عاماً من الشيوعية أوجدت عاملاً لا يرفض العمل ولا يبدي رأيه، ملتزماً تماماً بعمله وقليل الكلام ينفذ ما يسند إليه، ولم يتعود الاعتراض ولا يملك روح العمال النقابيين، هذا العامل من وجهة نظره هو العامل المناسب للتدريب لا تنقصه سوى الحوافز المالية والمعنوية والحياة الكريمة، والمشرف المهني المتخصص المحترف هو الذي يصنع منه عاملاً عالي الكفاءة وقادراً على إنتاج السلعة ذات الجودة العالية. يقول (كيفنت) إن أي استثمار في روسيا لا يصحبه اختيار المدير المتخصص الكفؤ المحترف، هو استثمار مشكوك في نجاحه وقد لا يحقق أهدافه، وينصح (كيفنت) ألا يبحث المستثمر عن هذا المدير في روسيا!! فلن يجده؛ فالمدير الروسي كما يصفه (كيفنت) لم يتعود التخطيط على مستوى إدارته ولا يؤمن بالمشاركة في الرأي أو التفويض ولا يعلم كيف يحفّز موظفيه أو يرتقي بمهاراتهم، وتكاد تنعدم لديه روح الابتكار.. في روسيا يتبع العمال والموظفون مديريهم، إلا أن مديريهم لا يعلمون أين يتجهون. يقول (كيفنت) إن المدير الأمريكي يقترض للحاضر من أجل المستقبل، أما المدير الروسي فيقترض من العامل ولا يدفع له في المستقبل.
أخبار ذات صلة