-A +A
عيسى الحليان
بداية لي أن أتساءل عن مصير نظام الجامعات الذي دُرس ونوقش في مجلس الشورى قبل أكثر من عشر سنوات، ولماذا وضع على الرف طوال هذه الفترة، وما الفرق بينه وبين النظام الجديد الذي تشير الوزارة إلى أنه على وشك الإصدار؟

لماذا خسرنا كل هذه الفترة في ظل سيادة نظام جامعي مركزي ومعقد كان وما يزال يعتبر رئيس مجلس الجامعة هو الوزير ويعطي سلطة اعتماد تعيين عميد للكلية أو فتح قسم فيها أو الموافقة على ترقية أستاذ أو تمديد خدمة عضو هيئة تدريس لمعالي الوزير ومجلس التعليم العالي!


لا يهمني ما يطرح وما يقال اليوم حول النظام الجديد وإنه سوف يمنح الجامعات استقلالية حقيقية، ويسهم في تخفيف البيروقراطية ويعمل على ترشيد الإنفاق في الجامعات إلخ ما جاء في مسودة هذا النظام، الذي يجب أن لا نتعجل في الحكم عليه قبل صدوره، ثم إننا قبل ذلك نحتاج أصلاً إلى نظام عام وشامل للتعليم (قبل نظام الجامعات) يمنح الحرية الأكاديمية ويوفر مناخاً أفضل للتعليم العام والجامعي ويعطي تراخيص لبعض مؤسسات التعليم الجامعي الأجنبية المتميزة ويسمح بوجود مؤسسات الاعتماد الأكاديمي المستقلة ويخرج مركز «قياس» من قبضة التعليم العالي كمؤسسة مستقلة ليس من الضرورة أن يرأس مجلس إدارته الوزير نفسه وأن يصدر تقارير دورية ومحايدة عن نتائج فحص مخرجات الجامعات ويفعّل دور هيئة التقويم التعليمي، وهذه أمور لو تحققت سوف تسهم في رفع التنافسية بين الجامعات (حتى بدون النظام الجديد) والذي لا أشك لحظة بأننا بأمس الحاجة وإن كنت لست مقتنعا بأن الوزارة لن تنفض يدها من الجامعات كما يتصور بعض من كتب عن النظام الجديد على الأقل على طريقة المثل الشعبي «خذ الجربوع وذنبه بيدي»، لكن ما هو أهم من ذلك اليوم هو أن تعليمنا وإنفاقنا من دون قياس وهذه أولوية سابقة لغيرها فكفاءة نظام التعليم العالي تكمن في المخرجات، والتكاليف ومعامل الارتباط بين الاثنين، وحاصل نتائج هذه المعادلة لن يتحقق بالسلب أو الإيجاب بمعزل عن نظام إطاري وشمولي للتعليم.