-A +A
ثامر قمقوم (عرعر) احمد سلمان (رفحاء) احمد الحذيفي (تبوك)
الصقيع حينما يكشر بوجهه الكالح تصبح الاماكن كأنها خاوية فالبرد من ألد اعداء الاماكن فالشوارع تصبح شبه مهجورة وينكمش الشجر وتصطك مداميك الحيطان وتغفو العصافير على الاشجار الملسوعة بالبرد بحثا عن الدفء اما ردهات الاسواق فهي الاخرى تأخذ نصيبها من تبعات البرد هذا الضيف الموسمي الذي يعلن عن حضوره بقوة هذه الايام في عدد من المناطق وبمقارنة بسيطة بين الاماكن في البرد والصيف نجد ان هناك فرقا شاسعا ففي الصيف حينما تتقارب درجة الحرارة حول الـ 45 درجة فان ايقاع الاسواق والشوارع والاستراحات وقصور الافراح تتغير حيث تدب تفاصيل النشاط في هذه الامكنة ويصبح للتنزه والتسوق نكهة مغايرة كما ان اسواق الحطب تصبح مقفرة في الصيف. حينما تتدنى درجة الحرارة الى درجات تحت الصفر كما هو الحال هذه الايام وتلبس الاودية عباءة الثلج فان الوضع يتغير تماما.. هنا جولة في عدد من المناطق التي يشتد فيها البرد حيث تم رصد حوار الاماكن والفرق بين رتم الشتاء والصيف.

البداية كانت من عرعر التي ودعت الملابس الصيفية وبدأت تتدثر بفراء الشتاء.

شبة النار

وانت في احد الشوارع بعرعر تصطك عظامك من البرد ويتصاعد البخار من انفاسك يقول كل من مطر المطلق وخليف عبدالله ان كل سيناريوهات الاماكن تتغير في الشتاء ففي الصيف يكثر نشاط التسوق وتزدحم قصور الافراح بالمناسبات والمعازيم وتصبح المنتزهات فضاءات للتنزه اما هذه الايام فان الكل يجلس حول مشب النار واضاف ان شتاء هذا العام لم تشهد منطقة الحدود الشمالية مثله منذ سنوات طويلة اذ تصل درجة الحرارة تحت الصفر بعدة درجات لاسيما مع طلوع الفجر ثم ترتفع مع اطلالة النهار ثم تعود للانخفاض الى تحت الصفر مرة اخرى مع حلول المساء.

فالاجواء الباردة جعلت السكون هو سيد الموقف في منطقة الحدود الشمالية فلا حركة دائبة في الشوارع حتى الاستراحات خارج النطاق العمراني يتغير روتينها فتصبح الجلسات في غرف مغلقة حول "شبة" النار وفناجين القهوة والشاي وتدور الاحاديث المقتضية التي تتخللها نوبات السعال الحاد.

اما في الصيف فان "الدكة" تصبح مكانا للجلوس في الهواء الطلق.

قصور الافراح

قصور الافراح في الشتاء بالمنطقة الشمالية تعاني هي الاخرى من العزلة حيث تخلو صالاتها من "المعازيم" ومشاهد العرسان عكس فصل الصيف حيث تزدهر هذه الاماكن ووحدها تبقى المصابيح الصفراء في قصور الافراح تسامر الصمت المطبق.

الحراج والفراء

في حراج الاغنام بعرعر تلمح عددا من المحلات تبيع منتجات صوف الاغنام مثل الفراء حيث يقبل الكثيريون على شراء هذه المنتجات التي يأتي بعضها من الشام ومنها ما يصنع محليا.

يقول احمد الشقاوي الذي امضى اكثر من عشرين عاما في بيع الفراء ان موجة البرد السائدة في المنطقة هذه الايام لم يألفها السكان منذ عشر سنوات.

واضاف ان اسعار الفراء تتراوح بين 150-1500 ريال حسب الجودة والصوف المستخدم في الصناعة.

تجمد الماء

في الحدود الشمالية حيث يشتد البرد هذه الايام فان بعض سكان الاحياء يعانون من توقف ضخ المياه في الشبكات لان المواسير تتجمد وينسحب ذات السيناريو على احواض سقيا المواشي التي تتجمد من الصقيع.

يقول ساير العنزي ليس غريبا ان تتجمد احواض سقيا الماشية فهذا الامر يحدث كلما داهمت المنطقة موجة برد حادة.

ويضيف قبل "30" عاما شهدت المنطقة موجة برد اطلق عليها العامة "سنة كسر المواسير" في اشارة الى تكسر مواسير المياه بسبب البرد.

ضيف ثقيل

انفلونزا الشتاء ضيف ثقيل وزائر غير مرغوب فيه وهو احد الامراض التي تداهم اهالي الشمال خاصة الاطفال حيث تشهد طوارئ المستشفيات تكدس من المصابين بالانفلونزا والسعال الحاد.

الحطب والمشب

في الصيف نجد ان اسواق الحطب في عرعر ساكنة فلا مشترين سوى اصحاب المطابخ اما في هذه الايام فتجد الشاحنات وهي محملة بالحطب خاصة "لارطة" التي يزداد الطلب عليها في الشتاء.

يقول حمود مقبل العازمي احد باعة الحطب: ان الطلب يزداد على الحطب مع دخول فصل الشتاء والحطب يتم جلبه من صحراء النفوذ والاسعار تختلف حسب الحجم والنوع وحمولة السيارة وهي تتراوح من 750-1000ريال للحمولة.

المنسف والمدحرج

مع برودة الطقس يزداد الطلب على المشروبات الساخنة كالحليب بالزنجبيل والنعناع والينسون فيما تتفنن ربات البيوت والمطاعم بتقديم اكلات الثريد الحار والتشريبة "المنسف" والمرقوق والمدحرج والمقلقل وهي اكلات دسمة تمد الجسم بالطاقة والدفء

المنتزهات.. لا احد

المنتزهات في الحدود الشمالية هذه الايام تسامر الريح فلا رواد ولا حركة للاطفال فيما يهرب باعة المرطبات والمثلجات الى الغرف الدافئة بعد ان كانت في الصيف تزدهي بالرواد والمصطافين انه منطق الطقس الذي يقلب كل الموازين.

الغاء الطابور الصباحي

لاول مرة في منطقة الحدود الشمالية يتم الغاء الطابور الصباحي بشكل رسمي وتأخير دوام الطلاب الى الساعة الثامن والنصف بدلا من الساعة الثامنة صباحا وذلك بسبب حدة البرد و لازالت هناك دعوات بترخير الدوام الدراسي الى الساعة التاسعة.

وفي جانب اخر يزداد الطلب هذه الايام على الادوات الكهربائية مثل الدفايات الكهربائية وتلك التي تعمل بالكيروسين حيث زاد الطلب عليه مما ادى الى حدوث نقص في بعض محطات الوقود.

المربعانية والشبط

الوضع لا يختلف في رفحاء عنه في عرعر حيث تذكر موجة البرد العارمة الاهالي بموجة مماثلة حدثت قبل حوالي 50 عاما.

يقول ملوح الشويهري ان موجة البرد الحادة التي تشهدها المنطقة هذه الايام تسمى بـ "المربعانية" وتستمر لمدة اربعين يوميا وفيها يشتد البرد ثم يأتي ما يسمى بـ"الشبط" ويستمر ثلاثة اسابيع وهو اشد فترات الشتاء برودة.

وقال عيادة النماص ان برد هذه الايام لايمكن مقارنته بموجات البرد قبل 50 عاما حيث كان الكثيرون يعيشون في البادية وسط بيوت الشعر التي يدخلها الهواء من كل الاتجاهات.

واضاف ان الناس كانوا يقاومون البرد بأكلات المطازيز والسمن والزبدة والقشدة.

يقول عبيد الدهيمان احد مربيي الماشية ان حدة البرد ادت الى نفوق اعداد كبيرة من طائر الكروان وقطعان الماشية كما ان الاشجار في الشوارع تبدو باهتة واوراقها تميل الى الحمرة.

اختفاء الفقع

ومن جانبه قال نايف الغديد ان الفقع غير موجود هذا العام لعدم هطول امطار الموسم. وتابع: العام 1996 سمي بعام الفقع نظرا لكثرة المحصول فيه وكبر حجم الفقع الذي بلغت بعض حباته حجم رأس البعير.

اما حمد الشمري صاحب مطعم فقال ان موسم الشتاء يعتبر من اهم المواسم لاصحاب المطاعم نظرا لازدياد الطلب على الدسم.

وعلى الصعيد الصحي قال مدير مستشفى رفحاء محمد ديسان العنزي ان موجة البرد ادت الى ازدياد عدد مراجعي المستشفى حيث استقبل قسم الطوارئ خلال الشهرين الماضيين 20500 مراجع فيما استقبلت العيادات الخارجية 15555 شخصا وعيادة الاطفال 3100 مراجع.

جبل اللوز

في تبوك "الورود" ذبلت فالثلوج كست جبال اللوز والزيتة.

يقول عبدالعزيز احمد احد هواة السياحة انه يقضي العطلة الاسبوعية في جبال اللوز التي تكسوها الثلوج هذه الايام ويستمتع بها كثيرا

انخفاض الزيارات

يقول سالم العطوي ان الزيارات بين الاهل والجيران تنخفض وتيرتها في هذه الايام بسبب البرد واذا كانت هناك زيارات فهي تقتصير بين الاهل والجيران في الظروف الطارئة.

ويقول سعود الاسمري ان البرد القارس يحد من نشاط الشباب حيث انهم في الصيف يجلسون على نواصي الشوارع ويرتادون البراري اما في الشتاء فانهم يلزمون الغرف المغلقة المدعمة بـ "المشبات" حيث يسمرون.

ومن جانبه قال حسين المالكي ان الكثيرين من اهالي تبوك يتجهون الى الشواطئ حيث الدفء هربا من موجة الصقيع الحادة وخاصة شاطئ ضباء وشرما وحقل.