-A +A
حسين الشريف
يعد نادي الاتحاد واحدا من الأندية السعودية بل الشرق الأوسطية التي عرفت بالريادة في التخطيط والأسبقية في التنظيم وقبلة لكل إدارات الأندية التي ترغب في بناء نفسها من الداخل.
فقد كان نادي الاتحاد من أوائل الأندية التي شكلت مجالس أدارتها والسباق في تكون المجالس الشرفية، وهو أول من أدخل الكمبيوتر والعمل به وأول من أصدر الميزانيات المالية، وأيضا أول من سن البرامج الانتخابية للمرشحين وهو أيضا من عمل بالتصويت وشرع الديمقراطية في أنديتنا الرياضية.

وكان إلى وقت قريب مضربا للمثل في سياسته ونهجه الإداري مما دفع ببعض الأندية الكبيرة استنساخ التجربة الاتحادية الرائدة في علم الإدارة. وذلك يعود إلى نجاح رجالات الاتحاد السابقين في صناعة برستيج عالٍ جدا لأنفسهم ولرئيس ناديهم حتى أصبحت لرئاسة النادي قيمة ومكانة اجتماعية صعبة المنال، فليس من السهولة الوصول إليها، لما لها من مواصفات ومقاييس، لا يستطيع أحد ممن كثر مالهم وقل فكرهم واجتهادهم بلوغها.
وكان لرئاسة الاتحاد مهر غالٍ ليس بمقدور أي شخص دفعه، لم يكن للمال دور في اختيار الرئيس، ولم يكن للوجاهة منفذ على كرسي الرئاسة، وإنما كان هناك مجلس شرفي يقف خلف اختيار وتزكية من هو الأصلح والأفضل لرئاسة النادي.
ولا شك أن لعراب المجلس الشرفي مؤسسه الفعلي إبراهيم أفندي والمجموعة التي معه من نخبة رجال أعمال ورجال الفكر في المجتمع الجداوي دور كبير في تكوين شخصية رئيس الاتحاد التي صنعت أسماء لا يمكن تجالها كيوسف الطويل -رحمه الله- والأمير طلال بن منصور وعبدالفتاح ناظر -رحمه الله- وأحمد مسعود ومنصور البلوي.
ولم يكن الطريق المؤدي لرئاسة النادي مفروشا بالورود ولا بدهن العود كما هو حاله اليوم، وإنما كانت تلك الأسماء قد قاتلت واجتهدت حتى وصلت وقدمت الغالي والنفيس من أجل رئاسة الاتحاد بما فيهم منصور البلوي الذي «حفيت أقدامه» حتى أصبح رئيسا للاتحاد، وانعكس ذلك بالإنجازات التاريخية التي تحققت في عهده ، وكان أكبر إنصاف لتلك الأسماء أن التاريخ دونهم بمداد من ذهب.
انهار ذلك المجلس الشرفي «بفعل فاعل»، وضاعت هيبة رئيس الاتحاد، وتبخرت خصوصيته في عيون محبيه، وشهدت السنوات الماضية لرئاسة الاتحاد هدرا واستباحة لهذا الإرث التاريخي، ليجد الاتحاديون القيمة التاريخية للرئاسة في مزاد علني لمن يدفع أكثر، ويخشى محبوه من المستقبل أن تزداد الأوضاع سوءا، وتكون رئاسة الاتحاد مرتعا خصبا لهواة الشهرة ووظيفة لمن لا وظيفة له.