-A +A
فؤاد مصطفى عزب
كان الحديث عن المال والعلم أيهما في المقدمة وهل العلم يأتي بالمال واختلف المتحدثون فمنهم من قال إن المال يأتي بكل شيء. فمن ليس لديه درهم في هذا الزمان لن يستطيع منح أبنائه على سبيل المثال حق اختيار مواصلة التعلم ومنهم من قال إن المشتغل بالعلم يفترض ألا يفكر بالمال وعبر صديق لنا عن رأيه بقوله «ماني فاهم حاجة» وهذا موقفه الدائم من الحياة. وكان رأيي ولا يزال أن العلم الذي لا ينفع صاحبه والناس لا قيمة له فالعلم تخصص والتخصص المنتقى بحكمة يجلب المال وينفع الخلق ولنا في «بيل جيتس» صاحب شركة مايكروسوفت الذي كان قبل سنوات كآحاد الناس عبرة فعندما اكتشف برنامجه الكمبيوتري صارت برامجه تدر عليه الأموال فعلمه جلب له المال ونفع الخلق..
وانتقل الحديث إلى التخصصات التي التحق أبنائي بها وكيف أن تلك التخصصات لا تتصل بالطب ولا المستشفيات وكان جوابي ولكن تخصصاتهم ضمن أكثر عشرين تخصصا احتياجا في العالم وفق موسوعة (آدم) للوظائف وأن ليس لدى أي منهم الرغبة في الالتحاق بتعلم الطب أو عالم المستشفيات. وأطلق أحد المشاركين قصة ساخرة قرأها ذات مغزى مر قال لنا «إن رجلا كان يصر أن يصبح ابنه طبيبا وإنه فشل أن يكون طبيبا بشريا فأصر عليه أن يكون طبيبا بيطريا ليعود باحثا عن عمل يضمن به لقمة العيش بدون جدوى ليقصد أخيرا إحدى حدائق الحيوانات عارضا شهاداته على إدارتها قائلا لهم انه يستطيع أن يعرف عمر الكلب من صوت نباحه ويعرف وزن محمول الحمار من وقع حوافره وإنه إذا رأى ذبابة على الحائط عرف ما إذا كانت ذكرا أم أنثى فقال له المسؤول في الحديقة لسنا في الوقت الحاضر بحاجة إلى طبيب بيطري لكن حدث أمس أن مات الدب عندنا فسلخنا جلده واحتفظنا به واليوم هو الموعد الأسبوعي لمجيء الأطفال لمشاهدة الدب فإذا كان بإمكانك أن تلبس جلد الدب وتمثل دوره أمام الأطفال أعطيناك عشرة ريالات عن كل ساعة قال الشاب أحضروا لي جلد الدب ولبس الدكتور جلد الدب وراح يرقص أمام الأطفال فيقف على رجليه تارة ويدب على الأربع طورا والأطفال يضحكون وإذا بنمر يأتي من بعيد باتجاه الدب الذي صاح النمر.. النمر، لكن النمر ما لبث أن تقدم بكل لطف وهمس في إذن الدب يا غشيم هل ظننت أنك الدكتور البيطري الوحيد في هذه المنطقة الذي يضطر أن يلبس جلد حيوان ليضمن قوت يومه»، فاتقوا الله أيها العقلاء في أبنائكم ولا ترموا بهم إلى التهلكة فهم أمانة في أعناقكم لا تبيعوهم أوهاما بزجهم في كليات ومعاهد لا مستقبل لها ادفعوهم للانتساب في التخصص المناسب الذي يتفق ومتطلبات العصر وسوق العمالة إن قمتم بذلك فقد أعدتم صياغة حياتهم بالشكل الحقيقي وأبعدتم عنهم شبح البطالة ورفعتم قامة الوطن عاليا.