-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
كثيرا ما أشك في دوافع بعض الحوادث الإرهابية التي تقع في بلاد غربية عديدة، وهذا لا يعني أني أتقي شبه ضلوع بعض المتطرفين من المتسمين بالإسلام وهم ليسوا مسلمين في وقوع هذه الحوادث، وفي الوقت نفسه، أصبحت على قناعة تامة بأن هؤلاء الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم، ويتعمدون نطق عبارات إسلامية نحو : الله أكبر وغيرها، إنما هم أدوات تم توجيهها، سواء علموا أم لم يعلموا، من قبل جهات وأجهـزة بل ودول، لتحقيق منافع لهم.
فدائما، عندما تقع جريمة ما، يسأل المحققون من «المستفيد الأول» من وقوع هذه الجريمة، فالاستفادة في حد ذاتها دافع قوي لارتكاب الجريمة من جانب، ومؤشر غير خفي من شأنه أن يوجه الانتباه إلى المرتكب الفعلي للجريمة، أو على الأقل «المحرض» لارتكابها.

ودعونا ننظر بشيء من التمعن والتدقيق، وبعد أن هدأت العواصف والعواطف لحادثة الهجومين الإرهابيين على مركز ثقافي وكنيس يهودي في العاصمة الدانمركية «كوبنهاجن»، حيث قتل ــ حسب تصريحات الشرطة ــ شاب يهودي، وأصيب خمسة آخرون. أما المركز الثقافي فكانت تعقد فيه ندوة حول الإسلام وحرية التعبير، بحضور السفير الفرنسي بالدانمرك، ورسام الكاريكاتير السويدي «لارس فيلكس» صاحب الرسوم المسيئة للرسول الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ عام 2006 م.
وإذا سألنا هنا: من المستفيد الأول من وقوع هذين الحادثين في الدانمرك، وبحضور السفير الفرنسي، وضد كنيس يهودي ؟!
تأتي الإجابة سريعة، ودون أن تتركنا، أو نترك أي إنسان يعمل عقله، ويتدبر ما حوله، على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» الذي طالب ــ في رد فعل سريـع للغاية ــ بهجرة واسعة النطاق ليهود أوروبا بل وأعلن أن حكومته قد رصدت 46 مليون دولار لتشجيع هجرة اليهود من فرنسا وبلجيكا وأوكرانيا، كما أعلن خلال الاجتماع الأمني لحكومته أن هذه الموجة من الهجمات من المتوقع أن تتواصل (علينا أن ننتبه إلى هذه التنبؤات الإسرائيلية، ونطبقها على أحداث المستقبل القريب)، وأن اليهود يستحقون الأمن في كل دولة، وأضاف: إننا نقول لإخواننا وشقيقاتنا اليهود: إن إسرائيل وطنكم.
ولم يكن للمتطرف الإسرائيلي، ووزير خارجية نتنياهو «أفيجددور ليبرمان» أن يترك هذه المناسبة دون أن يدلو بدلوه، إذ دعا إلى شن حرب بلا هوادة في مواجهة «الإرهاب الإسلامي» ــ على حد تعبيره ــ وجذوره. هكذا يتم توظيف الحدث الإرهابي لتحقيق ما تحلم به إسرائيل، من هجرة يهود الدول الأوروبية إلى إسرائيل، حتى يسهموا في التقدم العلمي والتكنولوجي من جانب، وليقللوا من الفجوة الاجتماعية التي باتت تهدد المجتمع الإسرائيلي كله والمتمثلة في زيادة عدد اليهود الشرقيين (السفارديم) المتخلفين، مقارنة بعدد اليهود الغربيين (الإشكنازيم) أصحاب المال والجاه والعلم والحضارة.
وهكذا يتم ــ من جانب آخر، ووفقا لدعوة الإرهابي ليبرمان ــ وتوجيه العالم لمحاربة الإسلام والمسلمين، والتضييق على من تواجد منهم في الغرب.
إذن، إسرائيل هي المستفيد الأول من وقوع هذه الجرائم، سواء أدرك مرتكبوها هذا أم لم يدركوا.
بقي أن نعي نحن جيدا ما يحدث حولنا، وليتذكر أولوا الألباب..