-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
العبارة الأكثر تداولاً هذه الأيام هي (٤٠٠ مليار تسويات الرتز، تكفي حساب المواطن لـ١٣ سنة)، هذه (الحسبة)، (بلاش الحسبة فالبعض حساس جدا لطاري الحسبة)، هذه المعادلة الحسابية يراها الإيجابي المتفائل على أساس أن المبالغ المستردة كبيرة جدا وذات قيمة كونها ستكفي الصرف على حساب المواطن لأكثر من درزن من السنوات، بينما يذهب ذهن السلبي المتشائم دوما إلى أن المبالغ التي ستصرف للمواطنين في حساب المواطن قليلة جدا بحيث يكفيها هذا المبلغ المسترد لأكثر من ١٢ سنة.

الحقيقة الإيجابية جدا والمتفائلة دوما هي أن ما تم قبل الرتز وأثناءه وبعده من مكافحة جادة للفساد والفاسد كائنا من كان، ستوفر علينا في الحاضر والمستقبل مبالغ فلكية كانت ستذهب لمختلس أو مرتش أو غسال أموال، تكفي ليس لحساب المواطن فقط، بل لرفاهية المواطن وحماية الوطن عشرات السنين إن لم تصل خانة المئات!.


دعونا ننظر لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسد (كائنا من كان) بإيجابية خالية من التشاؤم صافية نقية تستحقها هذه الخطوة التاريخية الجبارة التي اعتبرها من أعظم الإنجازات التي حدثت في وطننا بعد إنجاز التأسيس والتوحيد.

لقد عانينا من الفساد في كل أحوالنا وظروفنا، عانينا منه، في ظروف التقشف وشد الحزام، وفي حالة الطفرة ورغد العيش، وبعد ما حدث لا أقول لن نعاني، ولكن سيحسب الفاسد ألف حساب قبل فساده، وسيحسب السارق مليون حساب قبل أن يسرق، وسيفيق المسؤول الضعيف الذي لا يسرق بنفسه لكنه يتيح بضعفه وتخاذله وخوفه فرصة لسارق أن يسرق (يعين القوي على الاختلاس بضعفه وعدم رفضه).

لا يهم كم استرد بالتسوية، ولا متى سيحاكم من رفض التسوية محاكمة عادلة، وفي هذه المرحلة الأولى للمساءلة الجادة العادلة لا يهم أن نعرف من خرج بتسوية ومن خرج بنجاحه في التبرير، المهم فعلا أنه تمت مساءلة (كائنا من كان) واستضافته في رتز أو غيره بعد مراقبة دقيقة على مدى سنتين، وهذا إنذار وفي المستقبل لا عذر ولا تبرير ولا رتز وربما لا تسويات.