-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
في مسرحية عش المجانين استخدم الفنان المصري محمد نجم كلمة «شفيق يا راجل»، التي قال إنها مرتجلة لنسيانه جزءا من النص، كان يستخدمها كـ«لزمة» يرد بها كلما أراد أن يبدي بعض الاستغراب أو الاستنكار، وأنا هنا أقول «شفيق يا راجل»، لكل مصدر إشاعة تهدف للبلبلة أو النيل من المجتمع ومؤسساته، أو الوطن عامة بكل مكوناته، فالشائعات أصبحت الخبز اليومي لفئة من الناس، شغلهم الشاغل بث الأخبار المضللة في المجتمع، والحرص على وصولها لأكبر شريحة من الناس، والعجب أنك لا تجد شائعة واحدة من بين المئات فيها ما يسر ويفرح، بل السواد الأعظم منها هو بشائر وَيْل وثبور وعظائم الأمور، وطبعا الشيخ تويتر والمعلم واتس والواد سناب وشحتة الفيس وهلم دف لأن جرا خلصت، كل هذه الأدوات التي ابتلينا بها، ساعدت على انطلاق الشائعات مثل النار في الهشيم وبالذات عند الغشيم.

ومع الأسف لم يراع مروجو تلك الأنباء، أنها قد تسبب آلاما لناس وقلقا لآخرين وأنها لا تخدم الوطن أبدا، كنّا زمان جدي ما نسمع شائعات إلا قليلا وكان متخصصا بها بعض الستات اللاتي كانت الواحدة منهن، وخاصة في جلسة الشاي المعهودة في الضحوية أو ما قبل المغربية، تبدأ «وي يا اختي ما سمعتي ايش سوت فلانة أمس» ترد الثانية «هاتي الهرجة»، فتجيها «كانت في زواج علانة وقامت ترقص مع البقية، وطاح لثامها وبان زمامها وبالامارية ذهبي وزي النجمة بس كان شكله بايخ»، ترد صاحبتها «والله ما تستحي وايش يقولوا الناس عليها ولا زوجها بعد ما صارت هرجة بين الناس، واكيد بان خشمها كمان شافوه الستات وتلاقيها بالعنية عشان يبان زمامها» ردت «أهو عرفتي من نفسك الله يستر»، وتسأل صاحبة البيت انت شفتيها ردت الزائرة لا بس يقولوا، ثم تنقل هي ذلك الكلام لبيت آخر وهكذا تنمو الشائعة، وتضيف عليها من بنات أو أولاد أفكارها بعض البهارات الضرورية، يا عيني علينا حتى شائعاتنا ذاك الزمن الله بلخير مشي حالك.


شائعات الوقت الحاضر تضيق الصدر وتوزع الألم «فلان حبسوه وعلان انتحر والثالث مسكوه في وضع مريب»، والمصيبة أنها كذب، والأدهي والأمر أنها في ثوانٍ وصلت إلى كل مواطن، ليش لا ما هو من حقه كأي مواطن صالح، وطبعا ناهيك عن الأمور العامة والمجتمعية جنازة ويشبعون فيها ضحك على ذقون أثخن الرجال وعلى حواجب أحلى الستات وفِي الثمانيات، ومن الشائعات الظريفة وهي بغيضة على كل حال كذبة دروس في الرقص. طبعا كله شائعات وثبت بالدليل القاطع أنه لا صحة لما ذكر والذي لم يذكر البتيتة، وأن الجهة التي اتهموها بهذا الاتهام الذي يشن ويرن، بريئة كما الذئب من دم يوسف، حتى المتهمة ما لها في الحكاية لا طبلة ولا طار. وكلها شائعة في شائعة أخذها الغراب وطار.