-A +A
فهيم الحامد (جدة) FAlhamid@
يمثل بيان الديوان الملكي الذي صدر أمس بخصوص قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، نقل سفارتها إليها الذي قوبل بانتقادات عارمة عربيا وإسلاميا وعالميا، رسالة تحذيرية واضحة وشفافة للإدارة الأمريكية من العواقب الخطيرة غير المسبوقة غير المسؤولة، لما تمثله من انحياز كبير ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس، وفق ماجاء في البيان، الذي جسد موقف المملكة حيال قضية القدس باعتبارها جوهر الصراع الإسرائيلي ولايمكن أن يكون هناك سلام عادل وشامل إلا بإنشاء الدولة الفسلطينية وعاصمتها القدس الشريف، فضلا عن حصول الشعب الفلسطيني لحقوقه كاملة غير منقوصة التي كفلتها القرارات الدولية ذات الصلة وحظيت باعتراف وتأييد المجتمع الدولي. وتتجسد أهمية البيان بأن السعودية اعتبرت أن هذه الخطوة لن تغير أو تمس الحقوق الثابتة والمصانة للشعب الفلسطيني في القدس وغيرها من الأراضي المحتلة، فحسب بل، ولن تتمكن من فرض واقع جديد عليها، تمثل تراجعا كبيرا في جهود الدفع بعملية السلام. للأسف أن منطقة الشرق الأوسط لم تكن بحاجة إلى مزيد من الأزمات التي تواجهها، خصوصا أن الخطوة الأمريكية الأحادية الجانب حول تغيير وضع القدس، سيكون لها انعكاسات سلبية خطيرة على مستوى المنطقة والعالم، وستولّد نتائج سلبية جدية، وسيشغل الرأي العام العربي والإسلامي العالمي، وسيساهم في إذكاء التطرف والإرهاب، فضلا عن تأثيراتها السلبية العميقة على عملية السلام، خصوصا أن إعلان القرار الأمريكي أجهض اتفاقيات أوسلو ومدريد وانحاز لإسرائيل وأعاد عملية السلام إلى مرحلة ما تحت الصفر. إن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ضوء المكانة الدينية والتاريخية والوطنية الخاصة للقدس ليس فقط عند الفلسطينيين ولكن على امتداد العالمين العربي والإسلامي سيعمل على تأجيج المشاعر الإسلامية، الأمر الذي ستكون له انعكاسات سلبية على المنطقة والعالم الإسلامي وعلى المصالح الأمريكية أيضا..

إن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل أطلق رصاصة الرحمة على عملية السلام واتفاقيات أوسلو وحل الدولتين؛ باعتباره «قبلة الموت» لحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وعواقبها ستكون كارثية، وتمثل إخلالاً بالموقف الأمريكي المحايد تاريخياً من مسألة القدس، الأمر الذي سيضفي مزيداً من التعقيد على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وما نأمله أن تراجع الإدارة الأمريكية هذا الإجراء، وأن تنحاز للإرادة الدولية في تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. لقد أصدرت السعودية بيانا قبيل إعلان الأمريكي ترمب، كما وضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الرئيس ترمب، في صورة تداعيات القرار، إذ أكد الملك سلمان أن أي إعلان أمريكي بشأن وضع القدس يسبق الوصول إلى تسوية نهائية سيضر بمفاوضات السلام ويزيد التوتر وأن من شأن هذه الخطوة الخطيرة استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم، نظرا لمكانة القدس العظيمة والمسجد الأقصى، القبلة الأولى للمسلمين.


..القدس في قلوبنا... وهي عاصمة للدولة الفلسطينية الأبدية... ولا سلااام في المنطقة إلا بإنشاء الدولة وعاصمتها القدس.