-A +A
أنمار مطاوع
قد نتفق أو نختلف حول عدد ساعات عمل الدوام الرسمي للموظف الحكومي.. وقد نتفق أو نختلف حول كفاية الراتب والمردود المادي عليه.. قد نتفق أو نختلف على أمور كثيرة.. ولكننا نتفق ولا نختلف حول وجود ظاهرة: غياب الموظفين في الإدارات الحكومية.

بعيدا عن الاستثناء الذي لا يلغي الظاهرة، الإدارات الحكومية بمختلف خدماتها تعاني من عدم التزام (نسبة) من الموظفين بالدوام والحضور.. ومن كثرة الغياب. في أي اجتماع رسمي أو خاص لمديري الإدارات في القطاعات الحكومية، الهمّ المشترك بينهم هو (غياب الموظفين). وكل منهم يؤكد أن الإدارة تقوم على نسبة 20% من الموظفين المنضبطين الذين يعملون بجودة وإنتاجية.. ومواظبة على حضور الدوام؛ ومعظم النسبة المتبقية تمثل عبئا على الإدارة. وكأن التغيّب عن الدوام أصبح في حد ذاته مهنة.. إلا عند من رحم الحسيب الرقيب.


الجهات الحكومية لا تملك قرار فصل الموظف المتسيّب إلا وفق المادة الخاصة بالـ(15) يوما متواصلة أو الـ(30) يوما في العام (دون عذر). وأي موظف (غيّاب) ربما لا يعرف من نظام الخدمة المدنية بكل حقوقه وواجباته سوى هذه المادة.. لأنها ضمانه الدائم في الوظيفة رغم التسيب؛ خصوصا بعد إلزام الوزارة عام 2015 كل الجهات التابعة لها بإعادة الموظف الذي طوي قيده (في حال ثبوت شرعية تغيبه). ورغم عدالة هذا الإلزام وقضائه على التعسفات والإجحافات.. إلا أنه سكب ماء على طين آلية فصل الموظف الرديء الرافض لأداء عمله بشكل صحيح. وكانت الحاجة إلى التعديل مُلحّة. وبالفعل، أصدرت وزارة الخدمة المدنية (اللائحة الجديدة لتقويم الأداء الوظيفي) التي تنص في مادتها (17) على (توجِّه إدارة الموارد البشرية تنبيها مكتوبا للموظف الذي يحصل على تقويم أداء وظيفي بدرجة «غير مرض» في المرة الأولى بضرورة رفع مستوى أدائه، فإذا حصل على التقدير نفسه في السنة الثانية تتم مساءلته ومعاقبته تأديبيا، فإذا حصل في السنة الثالثة على التقدير نفسه يرفع أمره إلى الجهة المختصة -ديوان المظالم- للنظر في فصله تأديبيا). لو تم تطبيق هذه الآلية بشكل صحيح، ستضمر الظاهرة إلى أقصى حد لها. ولكن يبقى القول إنها تعمل كرادع للموظف وليست منهجية تفكير.

الالتزام والانضباط في العمل ثقافة مجتمعية. لا يمكن أن نلوم الموظف وحده على سلوك أشبه بقاعدة اجتماعية بشكل عام؛ خصوصا في المؤسسات التعليمية، حيث يستقي الفرد ويستلهم بدايات سلوكياته المستقبلية.

عامان من التطبيق الجيد للانضباط والالتزام في المؤسسات التعليمية.. كفيلان بتغيير الثقافة الفردية.

anmar20@yahoo.com