-A +A
عيسى الحليان
أشار رئيس مجلس المديرين لشركة الطيران المدني القابضة أن عمليات الخصخصة لمطارات المملكة والخدمات المساندة سوف تتم بعد 18 شهرا من الآن، وهي خطوة هامة لتحقيق تحولات هيكلية وجذرية في صلب هذه الصناعة، رغم أني أشك في مدى تحقيق هذا التحول في التاريخ المشار إليه على خلفية كثير من الوعود والتواريخ التي ظلت الهيئة تطرحها على مدى عقود وبقيت للأسف إما وعود لا تتحقق بالجملة، أو أنها لا تتحقق في مواعيدها سواء أكان ذلك في المشاريع أو فترات التنفيذ أو عمليات التشغيل أو دخول الناقلات الأجنبية للخدمة، خلاف أن تجربتنا مع التخصص أصلا تجربة مريرة وغير ناجحة، فعمليات التخصيص هي الأكثر صعوبة في البلد ربما لكونها الترمومتر الذي يكشف عن قدرة نظامنا العام على التحول أو التكيف في أي قطاع ونحو أي اتجاه، وهو اختبار عملي وحقيقي، فرغم أن التخصيص كان مطروحا بقوة منذ 1984م، وكل الدراسات التي قامت بها شركات ومكاتب استشارات وبنوك عالمية لم تسفر عن نجاح تخصيص أي قطاع من بين الـ 18 قطاعا المستهدفة، استثني قطاعا واحدا هو الاتصالات الذي حقق تخصيصه نجاحا منقطع النظير وفي كل الاتجاهات، وأنا هنا أستغرب من تخصيص الخدمات الأرضية قبل الخدمات الجوية، فالهيئة تطمح لتخصيص المطارات أو هيكلة برامج إدارتها وتشغيلها ونحن لم ننجح بعد في تخصيص الناقل الوطني منذ ثلاثة عقود والذي ظل مستودعا للوعود والتصريحات والدراسات، وما المانع أن نجرب في قطاع آخر، الأمر الثالث والأخير أن ثمة خلطا لدى الهيئة بين التحول الجزئي نحو التخصيص والتخصيص بحد ذاته، فالتخصيص المتعارف عليه في التجارب العالمية، وأولها بريطانيا التي ظهر هذا المصطلح لأول مرة في أعقاب تجربتها الرائدة والأكبر دوليا في هذا المجال بعد الحرب العالمية الثانية وحينها وردت هذه المفردة لأول مرة في قاموس «وبستر» عام (1983) وتعني Transfer of ownership وطرحت أسهم هذه الشركات في البورصة، ولأن الدولة لن تتخلى عن ملكية المطارات والخدمات المساندة لها، فإن هذا لا يسمى تخصيصا بالمطلق، بل تحول جزئي نحو التخصيص إذا ما علمنا أن الموظف سيكون هو الموظف والفكر الإداري المترسب سيبقى نفسه ربما، والمالك أيضا هو المالك، وبالتالي فهو تخصيص جزئي يقترب من نظام BTO الذي يعني احتفاظ المالك (الدولة) بالأصل مقابل تشغيله من قبل شركة تجارية متخصصة.