-A +A
عيسى الحليان
لا يمكن الحكم على مستوى التعليم من خلال التقارير التي تصدرها المؤسسات والهيئات التعليمية مهما كانت مصداقيتها ومهنيتها والتي عادة ما تقدم لنا تقارير أقل ما يقال عنها إنها تعكس صورة مخاتلة ومغايرة لواقع التعليم في بلادنا وتسعى جاهدة لمداراة هذا الواقع الأليم والتغطية عليه بكل السبل والوسائل كثقافة نمطية سائدة ومتجذرة في أدبيات التعليم.

والحقيقة أن مثل هذه التقارير تعد كارثة أخلاقية وقيمية، قبل أن تكون مهنية وتعليمية لا لأنها صادرة من جهات تعليمية وتربوية فحسب، ولكن لأن أولى خطوات الإصلاح التعليمي لمن أراد أن يخوض غماره هو الاعتراف بالمشكلة وحجمها وإصدار مؤشرات مهنية وموضوعية تعكس الواقع الحقيقي لها.


مؤسساتنا التعليمية هي الوحيدة في العالم التي تقرر مستوياتها العلمية والأكاديمية بنفسها دون حسيب أو رقيب وهي الوحيدة التي لا تشترك عادة في عضوية أي من مؤسسات الاعتماد الأكاديمي الدولي، وفي نفس الوقت الذي لا تسمح بفتح فروع لها في المملكة، ومع عدم وجود مؤسسات اعتماد محلية مستقلة ومحايدة، تكون هذه المؤسسات التعليمية بلا رقابة تماما وتعمل من دون مؤشرات تعليمية أو تربوية أو أكاديمية يقل نظيرها في العالم.

وفي ظل عدم وجود التنافس العلمي بين مؤسسات التعليم لغياب أدوات ومؤشرات القياس غابت الجودة والتنافسية التعليمية وضاعت هوية هذه المؤسسات التي لم تستطع بناء علاماتها التعليمية باستثناء مؤسسة تعليمية واحدة استطاعت الحفاظ على هويتها المستقلة ومستواها التعليمي الممتاز رغم محاولة البعض إجهاض هذه التجربة ودمجها مع البقية، ومع غياب المعايير المحلية والخارجية اخترعنا معايير ومؤشرات بديلة للتغطية على هذا الواقع الأليم مثل حجم المصروفات على التعليم وإعطائها مرتبة عالية وعدد الخريجين والمؤسسات التعليمية وهما القيمتان «المعياريتان» الوحيدتان في نظامنا التعليمي واللتان لا يذكر التعليم في أي نص مكتوب إلا وتذكران معه.