-A +A
سعيد السريحي
لو أن النظرة التي نظر من خلالها أمير نجران إلى ثقافة المنطقة التي يتولى شؤونها أصبحت هي القاعدة المعتمدة في جميع مناطق المملكة لاكتسبت ثقافتنا الوطنية تعددية وثراء وتنوعا بتعدد ثقافات المناطق وثرائها وتنوعها.

وقد اعتبر أمير نجران المساس بموروثات المنطقة خطا أحمر، وهو ما يتوجب المحافظة عليها وحمايتها من أن تطالها يد التغيير والتبديل، مؤكدا على أن «تراث المنطقة من التراث الوطني، وعادات أهلها جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع السعودي»، ووجه أمانة المنطقة بعدم اعتماد تنفيذ أي مشروع سياحي أو أسواق تجارية أو مجسمات جمالية ما لم يكن تصميما مستوحى من التراث العمراني الذي تتسم به المنطقة.


ولو أخذت كافة المناطق بما ذهب إليه أمير نجران لتخلصت كثير من المشاريع الثقافية والسياحية في كافة المناطق من أسر نماذج مهيمنة على ثقافتنا في المملكة وخرجت من دوائر التشابه والتكرار الذي لا يفضي إلى إهمال وتهميش التمايز بين تراث وثقافة كافة المناطق، بل إلى تكرار ممل وسطحية في التناول والعرض حين لا يخرج ذلك التكرار عن التقليد واستنساخ نماذج محددة وتطبيقها في كافة المناطق.

وتوجيه أمير نجران نتاج للوعي بأهمية تعزيز التعدد الذي ينطلق من الحرص على المحافظة على الإرث التاريخي لكل منطقة، في كافة تجلياته وجميع جوانبه، وإذا كان الواجب يقتضي منا المحافظة على ثقافتنا الوطنية فإن الوعي بأهمية التمايز بين ثقافات المناطق والاختلافات بين مكوناتها التاريخية هو ركيزة هذه المحافظة، وفي ذلك تأكيد على عمق هذه الثقافة وتعددها من ناحية وتلاحمها وتماسكها في إطار الوحدة الوطنية من ناحية أخرى.