-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
الوفاء عملة نادرة وحكاية كادت أن تكون من الأساطير. وأحلام العصافير. إنني وإن أتكلم عن تجارب مرت بي فلا ريب أن ما سأتناوله مر على الكثر من الرجال والنساء على حد سواء. لقد اتصلت عدة مرات بمسؤولين ويعلم الله أن أكثرها إعطاء رأي وباقيها استفسار عن موضوع أو في ما ندر البحث عن حق مستحق. ولكن مع الأسف لا تلقى ردا أو حتى إجابة إلا ما ندر ويقولون النادر لا حكم له. وقد يقول قائل إنهم قد لا يعلمون من المتصل، فالجواب هو أنني مواطن من ضمن المواطنين أو معزوم من ضمن المعازيم مر مرور الكرام على قوم لم يحسنوا الضيافة (وطنشوا) لأن هذا المتصل وبحكم أنه ترك منصبه ليس من الضرورة إجابته ناهيك إذا كان مواطنا ما قدر له أن يعتلي منصبا. من ذلك أنني اتصلت على كبير منصب وهو ليس من الأمراء ولو كان منهم لرد علي. طبعا وبحكم أن منصبه كبير جدا (لم يكن على مقاسه أبدا) كبر عليه الرد على رقم لا يعرفه ربما يكون في رأيه مجرد متصل طفيلي ليس ذا أهمية ولا هوية يعني بلا منصب وليس من ذوي الجاه والريش.

طبعا هذا التقييم يبتلى به من أخذته الخيلاء بالنفس ولم يلامس قط هموم المواطن ولم يعطه حقه ووزنه.


المهم فأرسلت له رسالة باسمي.

ولكن لم يرد لأني في نظره أصبحت متقاعدا فبالتالي لست ذا منصب ومنتوف الريش فاتصلت بمدير مكتبه الذي كان على خلق واستقبل مكالمتي بذوق ولطف وأكد لي أنه سيبلغ صاحب المنصب وأجزم أنه بلغه وحتى الآن من قبل سنة وأنا أنتظر في أي لحظة أن يتصل مقامه الرفيع لأنه (دام الأمل موجود النفس طماعة. حق المعالي نقول الصبر والطاعة) مع الاعتذار للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن. وأنا أعذر مقامه الرفيع.

الذي لم يذق طعم المعاناة لا يعرف قيمة المنصب ولا واجباته. ولنقلب المرآة لنرى مثلا آخر ولمن، لنايف بن عبدالعزيز رحمه الله وجعل الجنة مثواه أمير الوفاء، عندما ارتقى سموه منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء اتصلت على قصره العامر بالنبل لأهنئه فرد علي مسؤول السنترال وقد عرفني وكنت قد تقاعدت من سنين عدة.. فقال بكل احترام أبشر يا فريق، لكن هناك كثير من الاتصالات من أمراء ووزراء وقد تنتظر معي في حدود عشر دقائق فأجبته سأنتظر وأنا سعيد بل أسعد وفي حدود أقل من نصف دقيقة رجع إلي مأمور السنترال وقال أخبرت الأمير فقال أرجئ اتصالات البقية وأعطني الفريق أسعد.. وكان. وهنا أروي مثلا عاما أكثر من مثل خاص لقد آثرني لا إقلالا من حق البقية ولكن تكريما للوفاء.

وقصص وفاء سموه ودماثة أخلاقه مع الكل ومعي بالذات تحتاج صفحات وصفحات. هل يستوعب ذوو المناصب العبر، ومن المثل الجميل لو دامت لغيرك ما وصلت لك. والله المستعان.