-A +A
علي بن محمد الرباعي
كان العريس منتشيا في الليلة السابقة. يتحدث مع الشباب بصوت غير مسموع وتتعالى الضحكات. وأبوه: يقول على سعتك بعد ترقد جنبها. صاح الأب هيا قوموا أرقدوا بكرة ورانا شغل كثير من جهمة الطير. لم تكد القرية تتمدد في ظل الضحى حتى فاح عبق الكادي في المساريب. وتصافحت أدخنة مباخر الجاوي فوق العتبات. وبدأت الصغيرات نقر الدفوف للتأكد من جودتها.
اكتمل سلخ الثور وتقطيع اللحم وتهشيم العظم ونظم اللحم في طفي. خرج العريس فوق الجناح يتمغط. فزع من صوت أبيه: «اسم الله عليك يا الفحل راقد إلى تا الحزة صدق من قال (العروسة للعريس والتعب ع المتاعيس». لم يعقّب. ملأ الإبريق بالماء وسحب الطشت وتناول من شقيقته منشفة وصابونة وانزوى في ركن قصي من السافلة. بعد العصر خرج على جماعته في زينته. ثوب كبكات وله قلابات في الرقبة. تمنطق بمسدس في وسطه وفوقه منديل أخضر. سمع صوت الدفوف مقبلة من طرف المسراب فأخرج مسدسه وأطلق ثلاث رصاصات في الهواء. والد العروس لم يرافق ابنته سيأتي صباح غد مباركا. دخلت النساء إلى العالية كان البيت يهتز من رفسهن الأرض بأرجلهن. والشاعرة القادمة من قرية مجاورة تموسق صوتها (على مهل بالبيت لا تخشفونه. إن شاء الله ياجي الرزق ويصلحونه). موسيقى الدف من كفوف النساء ناعمة تتعالى (دبّق دبّق دبّق) أم العريس تجتهد وبناتها على خطف الأضواء بالكساوي والهدايا والرقص.

العريس يبدي من الباب يخطف نظرة، ويعود إلى مكان الطبخ ليشعل سيجارة ويحتسي فنجال شاي. وصل الشاعر. ونقاع الزير. والضارب على الزلفة. والرقاص. تحلق الصغار حول فرقة الفرح وصانعي البهجة. وبعد صلاة العشاء بدأت المنافسة بين نغمات الزير وحن الدفوف. انطلق صوت خرصان
(يوم كنت اقرأ في المدرسة حا ميم ألف. انتظرنا ع الكراسي سنين من سنين. نحسب إنا ناجحين. اختبرنا لن ماشي دروس ولا قرايا.ليتنا نعرف نصلي ونقرا الفاتحة) حان منتصف الليل. وقف العريفة وسط الدائرة مهللا ومكبرا وقفت العرضة. للحديث بقية. علمي وسلامتكم.