-A +A
مي خالد
قرأت مقال الأستاذ الكبير محمد العصيمي يوم الاثنين الماضي في جريدتنا الغراء «عكاظ» وكان عنوان المقال: «خلاص يا محمد عبده».
يقترح فيه أن يتوقف محمد عبده عن الغناء وخصوصا في الحفلات الجماهيرية -وأنا أتفق مع هذا الاقتراح لكن لأسباب أخرى غير التي ذكرها الأستاذ محمد العصيمي- فهو يعتقد أن محمد عبده تقدم في السن وأصبح جسده تمثالا شمعيا وضاقت أنفاسه وصار ينسى كلمات أغانيه التي رددها في شبابه.

لم أستغرب هذه النظرة تجاه كبار السن. خاصة بعد التعليقات الساخرة على المصوتين في استفتاء انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي واتهام كبار السن أصحاب الأفكار الرجعية بأنهم هم أغلب المصوتين من راغبي الانفصال بعكس الشباب المثقف الواعي العصري الذي اختار أن تظل بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي!
التمييز ضد كبار السن هو شكل من أشكال التمييز والتحيز. بالرغم من أن معظم كبار السن عقليا وجسديا نشيطون. وإذا غضينا النظر عن العمر سنجد أنهم قادرون على المساهمة في تقدم مجتمعاتهم وتطويرها. ومع ذلك نجد أن المعايير الاجتماعية تهمش كبار السن، بل وتعاملهم بعدم احترام، وتجعلهم يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم. فمثلا نرى الإعلانات التجارية تظهرهم بمظهر الجاهل بالتكنولوجيا ضعاف السمع بطيئو الحركة والنكت الشعبية تحوي آلاف الألفاظ العنصرية ضدهم وتلمزهم بفقدان الذاكرة فتصورهم كما لو كانوا مجانين وبلهاء. وكذلك الأدب يقدمهم بصورة غير لائقة وبالأخص القصائد العامية. ولدينا في تراثنا عشرات القصص التي تذم كبار السن وتتعنصر ضدهم وبالطبع المرأة العجوز لها النصيب الأكبر من هذا الذم فهي «خبيث نسمها»، وفي كثير من القصص تباري الشيطان في تحديات مؤذية وحروب ضد الخير فتكسبها وينهزم الشيطان أمام مكرها. حتى في أفلام الكرتون يظهر الرجل الشيخ بلحية بيضاء كثة وصوت أجش يمشي متكاسلا خلف كرشته الضخمة وهو بالطبع كاره للأطفال. وتظهر المرأة العجوز وفي أنفها المعكوف شامة كبيرة تشوه وجهها وقد امتطت مكنستها وطارت إلى المكان الذي يلعب فيه الأطفال لتصنع من لحومهم الحمراء يخنة لذيذة.