تقرأ أحياناً هجوماً متواصلاً من أشخاص تعليقاً على أي موضوع ينشره كاتب أو مفكر بعينه فيختلفون معه للاختلاف فقط وينتقدونه للانتقام فقط لا مشاركة لهم البتة إلا عندما يكتب هذا الأديب أو الكاتب أو المفكر، تشتم الكراهية الصامتة في كل حرف يسطرونه فالعملية تمارس للأسف بسطحية مكشوفة تنحدر فيها الرجولة من فوق جبل الاحترام وتسألهم أحياناً «كل ده كان ليه» ويجيبونك بالمقولة الشهيرة حريـــة الرأي وخدمة الوطن أو خدمة أبناء الديرة أو كله عشان المهنة ولا أعلم من قال لهم إن خدمة الوطن لا تتم إلا بهدم الآخرين والصفاقة وتجميد العقل وإغلاقه في حيز «المليمتر» وترك الحقد يسيطر على هذا «المليمتر» ليحتله بالكامل ويا ويل العقل فعلاً وصاحبه إذا قادته الأوهام إلى إغلاق جميع أبوابه بالضبة والمفتاح تكون داخله في هذه الحالة فقط فكرة واحدة طاغية مسيطرة تصبح هي وحدها الحاكمة والمستبدة لأنها لاترى إلا نفسها ولا تسمح برؤية غيرها «ديكتاتورية» فكرية من نوع خاص أحكامها مسبقة وغير قابلة للاستئناف ودائماً تقود إلى الإعدام! كانوا قديماً يقولون «غسيل مخ» وتطورت الحكاية وتغير اسمها إلى «تجميد مخ» وحتى التجميد ليس بالطريقة المعروفة في الوصول إلى درجة بعيدة تحت الصفر، إنه تجميد في جميع درجات الحرارة.. حضارة هذا العصر عرفت للأسف شيئاً جديداً هو حذاء العقل.. تماماً مثل حذاء القدم الصيني الذي كانوا يضعون فيه قدمي الفتاة الصينية وهي صغيرة فيطبق المعدن على لحمها وعظامها ليظل «المقاس» ثابتاً مدى الحياة.. والعجيب في هذا العقل أنه أصبح ظاهرة عالمية تأخذ المجتمعات بالطول والعرض.. تخطى ما كان يعرف بالبدائيين إلى بعض «المثقفين» وإلى الذين عرفوا مع الأسف الشديد منطق «العلم» والفكر وما زالوا يعيشون سجن الكراهية الصامتة يطالبون الجميع بتسديد فاتورة الانتقام على صفحات الصحف والمجلات من مبدأ أن النجاح ليس معياراً وعلى الجميع أن يجرب الفشل الذي هم يعيشونه !! خالف تعرف.. تمرد على المألوف.. ابحث عن الشمس التي تشرق من الغرب.. حذاء العقل هو مرض هذا العصر ينغلق الحذاء ليدمر كل ما هو ناجح ولتكون الجعجعة هي القانون الوحيد، تابعوا هذه الفئة في كل مكان ستجدون أنها تنتهي إلى شيء واحد يفوق الخط البياني للتطور البشري عودة إلى العصر الحجري وإلى الافتراس في الغابات وإلى انعدام الفكر ونضوبه وتلاشيه .. قولوا لي أين الأمل ياربع !! .