-A +A
خلف الحربي
جاء الفيلم الوثائقي (كيف واجهت السعودية القاعدة)، الذي عرضته قناة العربية، ليعيد إلى الأذهان المواجهات الدامية التي شهدتها أغلب مدن البلاد مع هذا التنظيم الإرهابي، والتي شكلت تهديدا حقيقيا للوطن لولا تضحيات رجال الأمن البواسل، ووقوف المجتمع السعودي صفا واحدا في وجه ذلك الطوفان الإرهابي المجنون.
ولأننا شعب ضعيف الذاكرة فإن عرض هذا الفيلم جاء في وقته، كي نتذكر أننا كنا في يوم من الأيام لأعلى شفا حفرة من الضياع، حيث كانت مقرات الأمن تهاجم بالسيارات المفخخة، والمدنيون الآمنون يتم إنزالهم بالقوة في الشوارع أثناء المطاردات بين رجال الأمن والإرهابيين، والأحياء السكنية الهادئة تتحول إلى ساحات للقتال، وصور المطلوبين للعدالة كانت ملصقة على الجدران.
حينها لم تكن السعودية الوطن الآمن الذي نعرفه، فقد كانت العربات المصفحة تقف أمام المباني الرئيسية وأسلحة الجنود مصوبة باتجاه القادم المجهول، وكان بعض المقيمين الغربيين يلبسون الثياب العربية للتنكر، وتحطم نوافذ المنزل بسبب انفجار في الأحياء القريبة أمر طبيعي جدا.
حينها قال الناس الكثير من الكلام الجميل حول اجتثاث التطرف من جذوره ومحاربة قوى الظلام ومواجهة أصوات التحريض، ولكن ما أن مرت الموجة المرعبة التي استمرت عدة سنوات واستطاع رجال الأمن الأبطال سحق فلول هذا التنظيم الإرهابي في سائر أنحاء البلاد حتى نسينا كل شيء، واعتبرنا ما حدث كابوسا عابرا أو جاثوما لا يمكن أن يتكرر، فأي نتيجة صنعتها لها خصلة النسيان؟ وأي واقع جلبه لنا طبع عدم الاستفادة من أخطاء الماضي؟.
نحن اليوم نواجه تنظيما أشد وحشية من تنظيم القاعدة، فجرائم تنظيم داعش فاقت حدود الخيال، حيث الابن يقتل أباه وابن الأخت يقتل خاله وابن العم يقتل ابن عمه، هذا بخلاف تفجير المساجد وقتل من فيها من المصلين، يدخل رجال الأمن في موجة جديدة من المواجهات مع تنظيم يملك قدرات مبتكرة على التجنيد ويصعب تحديد أهدافه لأن مشروعه تدمير كل شيء وقتل كل الناس دون رحمة.
ومن يدري؟ فقد ننسى كل جرائم إرهابيي داعش بمجرد أن ينجح رجال الأمن في تطهير البلاد من شرورهم، ولا نتذكرها إلا بشكل عابر حين تعرض العربية فيلما وثائقيا عنوانه (كيف واجهت السعودية داعش؟)، لذلك فإن ترك رجال الأمن وحدهم في الميدان سيكون خطأنا التاريخي الفادح، ما لم تكن هذه المعالجة الأمنية الصارمة مصحوبة بمراجعة فكرية واجتماعية كبرى!.

klfhrbe@gmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات، 636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة