-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
تعرضت المنطقة مؤخرا لأيام دامية باعتداءات إرهابية شنعاء في أكثر من بلد عربي، منها المملكة قبل أسابيع ثم الكويت وأريد لهما فتنة داخلية تكسرت ولله الحمد على صخرة الوعي والوحدة الوطنية الصلبة، وبالتوازي مع الكويت كانت تونس وفي أوروبا فرنسا، وقبل أيام موجة الإرهاب ضد مصر بهدف ضرب الاستقرار، والقاسم المشترك في كل تلك الاعتداءات هو ارتفاع عدد الضحايا.
لا يخفى على أحد أن دول المنطقة العربية تواجه مؤامرة خطيرة مباشرة لإضعاف الدولة الوطنية منذ اندلاع الخريف العربي، وأدواتها وقاطرتها جماعات سعت إلى التمكين بشعارات خادعة ومضللة ليس لها من جوهر الإسلام مثقال ذرة، إنما كانت ولاتزال تمثل رأس الحربة في تنفيذ رؤية خبيثة لمستقبل المنطقة، كشفت عنها دراسات وتصريحات غربية واضحة ومعلنة على مدى أكثر من عقدين تحت مسمى (الشرق الأوسط الجديد).

ما يحصل في المنطقة من تدمير ذاتي بات مفضوحا على رؤوس الأشهاد ولا يحتاج إلى شرح وتوصيف خطر جماعات إرهابية تمكنت من دول فاشلة وتحاول المساس بالأمن وزرع فتن بين الشعب الواحد في الدول القوية داخليا.
لنتذكر شعار الاستعمار في القرن الماضي (فرق تسد) وفي زمننا هذا انتقلت المؤامرة من التفريق السياسي إلى التمزيق والتقسيم على الجغرافيا والعرق والطائفية والمذهبية، فأضاعت دولا وتتربص بدول أخرى من خلال الإصرار البغيض على إشعال فتن داخلية.
هنا نخلص إلى حقيقة واضحة يتجاهلها التحليل المتواتر مع كل تلك الأحداث الخطيرة، وهي أن أي بلد في منطقتنا المستهدفة لا يستقر ولن يستقر، طالما تطل منه جماعات وتنظيمات ضالة ماكرة تحت أي مسمى أو أقنعة دينية ومذهبية وسياسية، تختطف الدين وتختطف عقول حدثاء السن وسفهاء الأحلام، وتقوى شوكتها بالتجنيد والتسليح لتبدأ مشاريعها الخبيثة بالقوة، ولننظر إلى خارطة الأحداث المؤلمة في مصر ولبنان والعراق وسوريا واليمن والصومال وصولا إلى (بوكو حرام) في نيجيريا.
في تصوري أن النموذج الأبرز للانقسام بدأ في فلسطين بتمزيق الشعب بين الفصائل ويجني الاحتلال ثماره العفنة. وها هو تنظيم داعش الإرهابي وأمثاله من جماعات ظلامية قديمها وحديثها من السنة والشيعة، تمارس تدمير ونهب المقدرات وهدم كل دولة تمكنوا منها، وتستمرئ القتل والذبح والتدمير في المسلمين قبل غيرهم، مع أن الدول والشعوب لم تحلل حراما ولم تحرم حلالا، إنما تلك التنظيمات هي من اختطفت الدين، والإسلام الحنيف والإنسانية منهم براء.
العالم يحترم الدول القوية المتماسكة بوحدتها الوطنية، لكن قوى الشر في العالم، دولا وجماعات إرهابية، لا تريد لدولنا ولا لأمتنا قوة ولا تضامنا، وللأسف المجتمع الدولي معتل بالازدواجية والكيل بمكيالين، وغير جاد في محاربة الإرهاب الذي يضرب منطقتنا ويتربص بالعالم.
فلنحافظ على وحدتنا الوطنية ونعض عليها بالنواجذ للتصدي للمؤامرة التي تستخدم تنظيمات إرهابية مارقة تعيث في الأرض فسادا وإفسادا، ولا تترك موقعا تجد فيه موطئ قدم إلا وتستهدف الحرث والنسل، لذا تبدأ اليقظة من الأسرة والمجتمع بالتصدي الواعي لحملات التجنيد لشباب مغيب جاهل، وأن تصحو الأسرة الغافلة من غفوتها وتنتبه لمؤامرة اختطاف عقول أبنائها عبر شبكات التواصل وغيرها، وأن تستنهض مؤسسات الدعوة والتوعية والتعليم رسالتها.
كثيرة هي آلام الأمة من مصيبتها في دينها وفي دنياها، ولكن بالوعي واستلهام الدروس بالتضامن والتلاحم سيصعب على أعداء أوطاننا وأمتنا النفاذ إلى العقل الوطني والصفوف حفظ الله بلادنا وأمتنا من كل سوء.