منوعات

نورانية قاموس سيد البيد الإنساني يزيح المعتم في ذكراه العاشرة

محمد الثبيتي

علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@

لم تمر الذكرى العاشرة لوفاة الشاعر الكبير محمد الثبيتي (1952 – 2011)، دون حضور النص واستحضار الشخص، وكأنما الانطفاء والتلاشي مغيب وقتي، يحتّم إشعال نار التذكار وتقليب المواجع فوق جمر الغضى، والسمر مع تجربة شعرية وحياتية عصيّة على النسيان، خصوصاً في ظل استمرار محمد الثبيتي رمزاً تجديدياً عطّر الفضاء الشعري بذكائه الكتابي، ما أغرى الفنان محمد عبده بغناء قصيدته الخالدة «بوابة الريح»، نظراً لما تجمعه من عذوبة مفردات وسهولة كلمات وعمق معان.

عاش سيد البيد وعايش حياة مجتمع عربي، وتعالق مع قضاياه الكبرى والصغرى من المحيط إلى الخليج، ونجح في زرع جمالية النص التفعيلي في وجدان أجيال لتورق «صاحبي» و«وضاح» و«غرفة باردة»، وتخضر كلماتها مع كل ربيع ببشارات قاموسه المضيء المزيح للمعتم من الأفكار والنزعات غير الإنسانية، وإذا كان الموت يغيب جسد إنسان فإن الثبيتي بما امتلك من موهبة فذة وجرأة في التجريب ظل وسيظل حاضراً في ذاكرة الأجيال المغنية معه «ستموت النسور التي وشمت دمك الطفل وأنت الذي في عروق الثرى نخلة لا تموت». ومع كل ذكرى رحيل تحيا شهادات الإنصاف، لتحفّز المواهب على إعادة قراءة المنتج الشعري النوعي والمحتفى به عربياً من أدونيس إلى محمود درويش مروراً بعدد من أطروحات أكاديمية تناولت بالدرس والتحليل قاموس الثبيتي في مكانة مرموقة خصوصاً مع تزامن ذكرى رحيله هذا العام مع ما تحقق من إصلاحات وطنية تبهج روحه وتحقق جانباً من تطلعات مشروعه الكوني والإنساني. وكعادته في الاحتفاء بالأصدقاء يستمر الشاعر عبدالكريم العودة في العناية بحقل صديقه «أبو يوسف» مجدداً بهذه المناسبة، الموقع الخاص بالشاعر، وإخراجه بشكل جديد، وإضافة ما استجد من دراسات ومقالات وأبحاث، لإثراء المحتوى النقدي، وتيسير الوصول إليه من قبل القراء والمتابعين.

ويؤكد العودة أنه مع استحضار مشاعر الفقد والغياب لواحد من أبرز شعراء الحداثة الشعرية وتجديد القصيدة، في الجزيرة العربية، وفي العالم العربي، إلا أن الغياب رمزي للشاعر الكبير، ما زاد من وهج حضوره في قلوب عشّاق شعره ومحبيه، من الأدباء والشعراء والنقاد، فأصبح أيقونة شعرية على صفحات الملاحق الثقافية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمدونات الأدبية، بل تجاوز ذلك إلى وجوده الأكاديمي في أروقة الجامعات، موضوعاً لأطروحات الماجستير والدكتوراه المكرسة للبحث عميقاً في القيم الجمالية والفنية، لقصائده الفريدة الخالدة.